(لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلَا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِنَ الْعَذَابِ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (١٨٨) وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (١٨٩)
سبب النّزول
في تفسير مجمع البيان عن ابن عباس قال : نزلت في اليهود حيث كانوا يفرحون بإجلال الناس لهم ونسبتهم إيّاهم إلى العلم.
وقيل : نزلت في أهل النفاق لأنّهم كانوا يجمعون على التخلف عن الجهاد مع رسول الله صلىاللهعليهوآله فإذا رجعوا اعتذروا وأحبّوا أن يقبل منهم العذر ويحمدوا بما ليسوا عليه من الإيمان.
التّفسير
إنّ الآية الحاضرة في شأن علماء اليهود الذين يحرفون آيات الكتب السماوية تقول : (لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوا وَّيُحِبُّونَ أَن يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلَا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِّنَ الْعَذَابِ). أي لا تحسبن أنّ هؤلاء يعذرون على موقفهم هذا وينجون من العذاب ، إنّما النجاة لمن يستحون ـ على الأقل ـ من أعمالهم القبيحة ، ويندمون على أنّهم لم يفعلوا شيئاً من الأعمال الصالحة.
إنّ هؤلاء المعجبين بأنفسهم ليسوا فقط ضلّوا طريق النجاة وحُرموا من الخلاص ، بل «وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ» ينتظرهم.
ثم إنّ الله سبحانه يقول في آية لاحقة : (وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّموَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللهُ عَلَى كُلّ شَىْءٍ قَدِيرٌ). وهذا الكلام يتضمن بشرى للمؤمنين وتهديداً للكافرين.
(إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ (١٩٠) الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (١٩١) رَبَّنَا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ (١٩٢) رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِياً يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا