والعقول النّيرة ونتيجة أعمالهم. روي أنّ ام سلمة (وهي إحدى زوجات النبي صلىاللهعليهوآله) قالت : يا رسول الله! ما بال الرجال يذكرون في الهجرة دون النساء؟ فأنزل الله هذه الآية.
ولكن السبب المذكور لنزول الآية لا ينافي الإرتباط الذي أشرنا إليه بين هذه الآية والآيات السابقة.
التّفسير
النتيجة الطيّبة لموقف أولي الألباب : في الآيات الخمس الآنفة استعرض القرآن الكريم موجزاً من إيمان اولي الألباب والعقول النّيرة ، وفي هذه الآية يقول سبحانه : (فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ).
ثم يضيف قائلاً : (أَنّى لَاأُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم). دفعاً للإشتباه والتوهّم الذي قد يسبق إلى الذهن بأنّه لا إرتباط بين الفوز والنجاة ، وبين أعمال الإنسان ومواقفه.
ثم إنّه سبحانه يقول : (مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ). وهذا لأجل أن لا يتصور أحد أنّ هذا الوعد الإلهي يختص بطائفة معينة ، لأنّ الجميع يعودون في أصل الخلقة إلى مصدر واحد (بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ) أي تولد بعضكم من بعض ، النساء من الرجال ، والرجال من النساء ، فلا تفاوت في هذه المسألة إذن بين الذكر أو الانثى ، فلماذا يكون تفاوت في الجزاء والثواب؟
من هنا يتضح مدى ابتعاد بعض المغفلين عن الحقيقة حيث يتّهمون الإسلام أنّه دين الرجال دون النساء.
ثم إنّه سبحانه يستنتج من ذلك إذ يقول : (فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِى سَبِيلِى وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفّرَنَّ عَنْهُمْ سَيَاتِهِمْ). أي : إنّ الله سبحانه كتب على نفسه أن يغفر لهؤلاء ذنوبهم ، جاعلاً من هذه المشاق والمتاعب التي نالتهم كفارة لذنوبهم ، ليطهروا من أدرانها تطهيراً.
ثم يقول تعالى : (وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ). مضافاً إلى غفران ذنوبهم والتكفير عنهم.
وهذا هو الثواب الإلهي لهم على ما قاموا به من تضحية وفداء (ثَوَابًا مِّنْ عِندِ اللهِ وَاللهُ عِندَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ). يعنى أنّ الأجر الإلهي والمثوبات الإلهية ليست قابلة للوصف للناس بشكل كامل في هذه الحياة ، بل يكفي أن يعلموا بأنّه أفضل وأعلى من أي ثواب.