(مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً (٨٠) وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ فَإِذَا بَرَزُوا مِنْ عِنْدِكَ بَيَّتَ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ وَاللهُ يَكْتُبُ مَا يُبَيِّتُونَ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ وَكَفَى بِاللهِ وَكِيلاً) (٨١)
سنّة النبي صلىاللهعليهوآله بمنزلة الوحي : توضح الآية الاولى موضع النبي صلىاللهعليهوآله من الناس وحسناتهم وسيئاتهم وتؤكد أوّلاً بأنّ إطاعة النبي صلىاللهعليهوآله هي طاعة لله : (مَّن يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللهَ). أي لا انفصال بين طاعة الله وطاعة الرسول.
ثم تبين أنّ النبي صلىاللهعليهوآله ليس مسؤولاً عن الذين يتجاهلون ويخالفون أوامره ، كما أنّه ليس مكلفاً بإرغام هؤلاء على ترك العصيان ، بل إنّ مسؤولية النبي صلىاللهعليهوآله هي الدعوة للرسالة الإلهية التي بعث بها ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وإرشاد الضالين والغافلين. تقول الآية : (وَمَن تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا).
فعبارة «حفيظ» تعني الذي يراقب ويحافظ بصورة دائمة مستمرة ، ويستدل من الآية على أنّ واجب النبي صلىاللهعليهوآله هو قيادة الناس وهدايتهم وإرشادهم.
والأمر المهم الآخر في هذه الآية هو أنّها واحدة من أكثر آيات القرآن دلالة على حجّية السنّة النبوية الشريفة.
أمّا الآية الثانية ففيها إشارة إلى وضع نفر من المنافقين أو المتذبذبين من ضعاف الإيمان ، الذين يتظاهرون حين يحضرون عند النبي صلىاللهعليهوآله والمسلمين بأنّهم مع الجماعة ، ويظهرون الطاعة للرسول صلىاللهعليهوآله ليدفعوا بذلك الضرر عن أنفسهم وليحموا مصالحهم الخاصة ، بدعوى الإخلاص والطاعة للنبي صلىاللهعليهوآله : (وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ).
وبعد أن ينصرف الناس من عند النبي صلىاللهعليهوآله ويختلي هؤلاء بأنفسهم يتجاهلون عهودهم في إطاعة النبي ويتآمرون في ندواتهم الخاصة ـ السرّية الليلية ـ على أقوال النبي : (فَإِذَا بَرَزُوا مِنْ عِندِكَ بَيَّتَ طَائِفَةٌ مِّنْهُمْ غَيْرَ الَّذِى تَقُولُ).
ولكن الله يأمر نبيه بأن لا يلتفت إلى مكائد هؤلاء ، وأن لا يخافهم ولا يخشى خططهم وأن يتجنب الاعتماد عليهم في مشاريعه ، بل يتوكل على الله الذي هو خير ناصر ومعين : (فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ وَكَفَى بِاللهِ وَكِيلاً).