المختلفة أو إعداد الأجواء المساعدة ، بل حتّى عن طريق إطلاق كلمة صغيرة مشجعة وهكذا الذين يقومون بمثل هذه الأعمال على طريق الخيرات ينالون سهمهم من نتائجها. والآية ـ هذه ـ تؤكد أيضاً حقيقة ثابتة اخرى ، وهي أنّ الله قادر على مراقبة الإنسان وتدوين ما يقوم به من أعمال ، ثم محاسبته عليها ، واثابته على خيرها ، ومعاقبته على شرها (وَكَانَ اللهُ عَلَى كُلّ شَىْءٍ مُّقِيتًا).
(وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيباً)(٨٦)
دعوة إلى مقابلة الودّ بالودّ : هذه الآية تأمر المسلمين بمقابلة مشاعر الحبّ بما هو أحسن منها ، أو على الأقل بما يساويها أو يكون مثلها ، فتقول الآية : (وَإِذَا حُيّيتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا).
«التحية» : مشتقة من «الحياة» وتعني الدعاء لدوام حياة الآخرين ، ومهما تنوعت صيغ التحية بين مختلف الأقوام تكون صيغة «السلام» المصداق الأوضح من كل تلك الأنواع ، ولكن بعض الروايات والتفاسير تفيد أنّ مفهوم التحية يشمل ـ أيضاً ـ التعامل الودي العملي بين الناس.
وهكذا يتضح لنا أنّ الآية هي حكم عام يشمل الرد على كل أنواع مشاعر الودّ والمحبة سواء كانت بالقول أو بالعمل ـ وتبين الآية في آخرها أنّ الله يعلم كل شيء ، حتى أنواع التحية والسلام والردّ المناسب لها ، وأنّه لا يخفى عليه شيء أبداً ، حيث تقول : (إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَى كُلّ شَىْءٍ حَسِيبًا).
(اللهُ لَا إِلهَ إِلَّا هُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا رَيْبَ فِيهِ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللهِ حَدِيثاً)(٨٧)
جاءت هذه الآية مكملة لما سبقتها ومقدمة لما تليها من آيات ، فالآية السابقة بعد أن أمرّت بردّ التحية قالت : (إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَى كُلّ شَىْءٍ حَسِيبًا). والآية موضوع البحث تشير إلى قضية غيبية مهمة هي قضية يوم البعث والحساب ، حيث محكمة العدل الإلهية العامة للبشر أجمعين وتقرنها بمسألة التوحيد الذي هو ركن آخر من أركان الإيمان (اللهُ لَاإِلهَ إِلَّا