لأنفسهم الخروج من حالة الكفر والنفاق ، وإن تظاهرهم بالإسلام ليس إلّامن أجل تمرير مصالحهم وأهدافهم الدنيئة ومن أجل أن يسهل عليهم التآمر والتجسس على المسلمين. وفي هذه الحالة يستطيع المسلمون أن يأسروهم حيثما وجدوهم ، وأن يقتلوهم إذا استلزم الأمر ، تقول الآية الكريمة : (فَإِن تَوَلَّوْا فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ).
وتكرر هذه الآية التأكيد على المسلمين أن يتجنّبوا مصاحبة هؤلاء المنافقين وأمثالهم فتقول : (لَاتَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا).
(إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ أَوْ جَاءُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَنْ يُقَاتِلُوكُمْ أَوْ يُقَاتِلُوا قَوْمَهُمْ وَلَوْ شَاءَ اللهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ فَلَقَاتَلُوكُمْ فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَمَا جَعَلَ اللهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلاً) (٩٠)
سبب النّزول
في تفسير القمي في قوله (وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا) الآية أنّها نزلت في أشجع وبني ضمرة وهما قبيلتان وكان من خبرهم أنّه لما خرج رسول الله صلىاللهعليهوآله إلى غزاة الحديبية مرّ قريباً من بلادهم وقد كان رسول الله صلىاللهعليهوآله هادن بني ضمرة ، وواعدهم قبل ذلك فقال أصحاب رسول الله : يا رسول الله! هذه بنو ضمرة قريباً منّا ونخاف أن يخالفونا إلى المدينة أو يعينوا علينا قريشاً فلو بدأنا بهم ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : «كلّا ، إنّهم أبر العرب بالوالدين وأوصلهم للرحم وأوفاهم بالعهد».
وكان أشجع بلادهم قريباً من بلاد بني ضمرة وهم بطن من كنانة وكانت أشجع بينهم وبين بني ضمرة حلف بالمراعاة والأمان فأجدبت بلاد أشجع وأخضبت بلاد بني ضمرة فسارت أشجع إلى بلاد بني ضمرة ، فلمّا بلغ رسول الله صلىاللهعليهوآله مسيرهم إلى بني ضمرة تهيأ للمسير إلى أشجع ليغزوهم للموادعة التي كانت بينه وبين بني ضمرة فأنزل الله : (وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ ...) الآية. ثم استثنى بأشجع فقال : (إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَى قَوْمٍ ...) وكانت أشجع محالها البيضاء والحل والمستباح وقد كانوا قربوا من رسول الله فهابوا لقربهم من رسول الله أن يبعث إليهم من يغزوهم وكان رسول الله قد خافهم أن يصيبوا من أطرافه شيئاً فهم بالمسير إليهم فبينما هو على ذلك إذ جاءت أشجع ورئيسها مسعود بن رجيلة وهم سبعمأة فنزلوا شعب سلع وذلك في شهر ربيع الأول سنة ستّ من الهجرة فدعا رسول الله صلىاللهعليهوآله اسيد