والقرآن يركّز في الآية المذكورة على هذه المسألة بالذات.
بعد التذكير بهذه النعمة ، تؤكد الآية على دليل واضح آخر وهو «الموت» (ثُمَّ يُمِيتُكُمْ).
نعم ... إنّ خالق الحياة هو خالق الموت أيضاً ، وإلى ذلك تشير الآية (٢) من سورة الملك : (الَّذِى خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَوةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً).
بعد أن ذكرت الآية هذين الدليلين الواضحين على وجود الله ، تناولت المعاد والحياة بعد الموت : (ثُمَّ يُحْيِيكُمْ).
وفي نهاية الآية يقول تعالى : (ثُمَّ إِلَيْهِ تُرجَعُونَ). والمقصود بالرجوع هو الرجوع إلى نعم الله تعالى يوم القيامة.
بعد ذكر نعمة الحياة والإشارة إلى مسألة المبدأ والمعاد ، تشير الآية إلى واحدة اخرى من النعمّ الإلهيّة السابقة وتقول : (هُوَ الَّذِى خَلَقَ لَكُمْ مَّا فِى الْأَرْضِ جَمِيعًا).
وبهذا تعين الآية قيمة الإنسان في هذه الأرض ، وسيادته على ما فيها من موجودات. وفي القرآن آيات اخرى تؤكد على مكانة الإنسان السامية ، وتوضح أنّ هذا الكائن هو الهدف النهائي من خلق كل موجودات الكون.
وتعود الآية إلى ذكر أدلة التوحيد وتقول : (ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّيهُنَّ سَبْعَ سَموَاتٍ وَهُوَ بِكُلّ شَىْءٍ عَلِيمٌ).
الفعل «استوى» : من «الإستواء» وهو التسلط والإحاطة الكاملة والقدرة على الخلق والتدبير.
السماوات السبع : الأصح في رأينا أنّ المقصود بالسماوات السبع ، هو وجود سبع سماوات بهذا العدد. ويستفاد من آيات اخرى أنّ كل الكرات والسيارات المشهودة هي جزء من السماء الاولى ، وثمة ستة عوالم اخرى خارجة عن نطاق رؤيتنا ووسائلنا العلمية اليوم ، وهذه العوالم السبعة هي التي عبّر عنها القرآن بالسماوات السبع.
في الآية (١٢) من سورة فصّلت ، يقول تعالى : (وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ).
وفي الآية (٦) من سورة الصّافات ، يقول أيضاً : (إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ).
ويتضح من هاتين الآيتين أنّ ما نراه وما يتكون منه عالم الأفلاك هو جزء من السماء الاولى ، وما وراء هذه السماء ست سماوات اخرى ليس لدينا اليوم معلومات عن تفاصيلها.