الصلاة ، على النّبي أن يقف في مكانه فتؤدّي الجماعة ـ سريعاً ـ الركعة الثانية وتعود إلى ساحة القتال لمواجهة العدو. وتأتي بعد ذلك الجماعة الثانية التي لم تصل بعد ، وتأخذ مكان الجماعة الاولى فتصلّي مع النبي : (فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِن وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ). وعلى الجماعة الثانية أن لا تضع أرضاً لامة حربها ، بل تحتفظ بها معها : (وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ).
وتشير الآية إلى أنّ أداء الصلاة بهذا الاسلوب من أجل أن يبقى المسلمون في مأمن من أي هجوم مباغت قد يقوم به العدو عليهم ، لأنّه يتحين الفرص دائماً لتنفيذ هذا الهجوم ، ويتمنى لو تخلى المسلمون وغفلوا عن أسلحتهم وأمتعتهم ليشنّ عليهم حملته الغادرة : (وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُم مَّيْلَةً وَاحِدَةً).
ولمّا كان حمل السلاح والوسائل الدفاعية الاخرى صعباً أثناء أداء الصلاة في بعض الأحيان ، تأمر الآية في الختام قائلة : (وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن كَانَ بِكُمْ أَذًى مِّن مَّطَرٍ أَوْ كُنتُم مَّرْضَى أَن تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ).
وهذا مشروط بأن يحتفظ المسلمون بما يقيهم من وسائل الدفاع كالدروع ، وأمثالها حتى في حالة وجود العذر كالضعف أو المرض ، وذلك لحماية أنفسهم إذا باغتهم العدو بهجومه إلى أن تصلهم الإمدادات حيث تقول الآية : (وَخُذُوا حِذْرَكُمْ).
(فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِكُمْ فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً) (١٠٣)
أهمية فريضة الصلاة : بعد أن ذكرت الآية السابقة صلاة الخوف ، وأكدت ضرورة إقامتها حتى في جبهات الحرب ، تحث الآية (١٠٣) المسلمين على أن لا ينسوا ذكر الله بعد أداء الصلاة ، وليذكروا الله حين قيامهم وقعودهم وأثناء نومهم على جنوبهم وليسألوه العون والنصر ، والقصد من ذكر الله في حالة القيام والقعود والنوم على الجنبين ، يحتمل أن تكون في الحالات المختلفة للقتال ، أي أثناء وقوف المقاتل أو جلوسه أو استلقائه على أحد جنبيه وهو يقاتل بأحد أنواع الأسلحة الحربية كالقوس والسهم مثلاً.
إنّ هذه الآية تشير إلى أمر إسلامي مهم ، يدل على أنّ أداء الصلاة في أوقات معينة ليس معناه أن ينسى الإنسان ذكر الله في الحالات الاخرى. وتؤكد هذه الآية أنّ حكم صلاة