(وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ (٣٠) وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (٣١) قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (٣٢) قَالَ يَا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ) (٣٣)
الإنسان خليفة الله في الأرض : الآيات السابقة ذكرت أنّ الله سبحانه خلق ما في الأرض جميعاً للإنسان ، وفي الآيات (٣٠ ـ ٣٩) تركيز على ثلاث مسائل أساسية هي :
١ ـ إخبار الله ملائكته بشأن خلافة الإنسان في الأرض.
٢ ـ أمر الله تعالى ملائكته بإكرام وتعظيم الإنسان الأول.
٣ ـ شرح وضع آدم وحياته في الجنة ، والحوادث التي أدّت إلى خروجه من الفردوس ، ثم توبة آدم ، وحياته هو وذريته في الأرض.
الآيات المذكورة تتحدث عن المرحلة الاولى ، حين شاء الله أن يخلق على ظهر الأرض موجوداً ، يكون فيها خليفته ، ويحمل أشعة من صفاته ، وتسمو مكانته على مكانة الملائكة. وبهذه المناسبة تقول الآية الاولى : (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلِكَةِ إِنّى جَاعِلٌ فِى الْأَرْضِ خَلِيفَةً). والخليفة : هو النائب عن الغير ، أمّا هذا الغير الذي ينوب الإنسان عنه هو خليفة الله ونائبه على ظهر الأرض ، كما ذهب إلى ذلك كثير من المحققين. لأنّ سؤال الملائكة بشأن هذا الموجود الذي قد يفسد في الأرض ويسفك الدماء يتناسب مع هذا المعنى ، لأنّ نيابة الله في الأرض لا تتناسب مع الفساد وسفك الدماء.
ثم تذكر الآية سؤال الملائكة الذي وجّهوه لرب العالمين مستفسرين لا معترضين : (قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدّسُ لَكَ).
الله سبحانه أجاب الملائكة جواباً مغلقاً اتضح في المراحل التالية : (قَالَ إِنّى أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ).