(وَالَّذِينَءَامَنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ أُولئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ).
وقد أكّدت الآية في الختام أنّ الله سيغفر للمؤمنين الذين إرتكبوا اخطاء بالإنجرار وراء العصبيات وممارسة التفرقة بين الأنبياء إن أخلص هؤلاء المؤمنون في إيمانهم وعادوا إلى الله ، أي تابوا إليه من أخطائهم السابقة ، حيث تقول الآية : (وَكَانَ اللهُ غَفُورًا رَّحِيمًا).
(يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَاباً مِنَ السَّمَاءِ فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَى أَكْبَرَ مِنْ ذلِكَ فَقَالُوا أَرِنَا اللهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ ثُمَّ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ فَعَفَوْنَا عَنْ ذلِكَ وَآتَيْنَا مُوسَى سُلْطَاناً مُبِيناً (١٥٣) وَرَفَعْنَا فَوْقَهُمُ الطُّورَ بِمِيثَاقِهِمْ وَقُلْنَا لَهُمُ ادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّداً وَقُلْنَا لَهُمْ لَا تَعْدُوا فِي السَّبْتِ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقاً غَلِيظاً) (١٥٤)
سبب النّزول
في تفسير مجمع البيان : روي أنّ كعب بن الأشرف وجماعة من اليهود ، قالوا : يا محمّد! إن كنت نبيّاً فأتنا بكتاب من السماء جملة : أى كما موسى بالتوراة جملة ، فنزلت الآية.
التّفسير
هدف اليهود من اختلاق الأعذار : تشير الآية الاولى إلى طلب أهل الكتاب (اليهود) من النبي محمّد صلىاللهعليهوآله بأن ينزل عليهم كتاباً من السماء كاملاً وفي دفعة واحدة ، فتقول : (يَسَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَن تُنَزّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِّنَ السَّمَاءِ).
ولا شك أنّ هؤلاء لم يكونوا صادقين في نواياهم مع النبي صلىاللهعليهوآله لأنّ الهدف من نزول الكتاب السماوي هو الإرشاد والهداية والتربية ، وقد يتحقق هذا الهدف أحياناً عن طريق نزول كتاب كامل من السماء دفعة واحدة ، وأحياناً اخرى يتحقق الهدف عن طريق نزول الكتاب السماوي على دفعات وبصورة تدريجية.
ولهذا السبب فضح الله نواياهم السيئة بعد طلبهم هذا وأوضح للنبي صلىاللهعليهوآله بأنّ هذا العمل هو ديدن اليهود ، وأنّهم معروفون بصلفهم وعنادهم واختلاقهم الأعذار مع نبيّهم الكبير موسى بن عمران عليهالسلام فقد طلب هؤلاء من نبيّهم ما هو أكبر وأعجب إذ سألوه أن يريهم الله جهاراً وعلناً. تقول الآية : (فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَى أَكْبَرَ مِن ذلِكَ فَقَالُوا أَرِنَا اللهَ جَهْرَةً).