هذِهِ الشَّجَرَةَ) (١).
يستفاد من آيات القرآن أنّ آدم خُلق للعيش على هذه الأرض ، لكن الله شاء أن يسكنه قبل ذلك الجنة ، وهي روضة خضراء موفورة النعمة في هذا العالم.
لعل مرحلة مكوث آدم في الجنة كانت مرحلة تحضيرية لعدم ممارسة آدم للحياة على الأرض وصعوبة تحمل المشاكل الدنيوية بدون مقدمة ، ومن أجل تأهيل آدم لتحمل مسؤوليات المستقبل ، ولتفهيمه أهمية حمل هذه المسؤوليات والتكاليف الإلهيّة في تحقيق سعادته ، ولإعطائه صورة عن الشقاء الذي يستتبع اهمال هذه التكاليف ، ولتنبيهه بالمحظورات التي سيواجهها على ظهر الأرض.
ينبغي أن ينضج آدم عليهالسلام في هذا الجو إلى حد معين ، وأن يعرف أصدقاءه وأعداءه ، ويتعلم كيف يعيش على ظهر الأرض ، نعم ، كانت هذه مجموعة من التعاليم الضرورية التي تؤهله للحياة على ظهر الأرض.
وهنا رأى «آدم» نفسه أمام أمر إلهي يقضي بعدم الاقتراب من الشجرة ، لكن الشيطان أبى إلّاأن ينفذ بقسمه في إغواء آدم وذريته. تقول الآية بعد ذلك : (فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ).
نعم. اخرجا من الجنة حيث الراحة والهدوء وعدم الألم والتعب والعناء ، على أثر وسوسة الشيطان.
وصدر لهما الأمر الإلهي بالهبوط : (وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوُّ وَلَكُمْ فِى الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ).
وهنا ، فهم آدم أنّه ظلم نفسه ، وأخرج من الجوّ الهادي الملي بنعم الجنة بسبب استسلامه لوسوسة الشيطان ، وهبط في جوّ مفعم بالتعب والمشقة والعناء ، مع أنّ آدم كان نبياً ومعصوماً ، فإنّ الله يؤاخذ الأنبياء بترك الأولى ـ كما سنرى ـ كما يؤاخذ باقي الأفراد على ذنوبهم ، وهو عقاب شديد تلقاه آدم جرّاء عصيانه.
بحوث
١ ـ ما هي جنة آدم؟ يبدو أنّ الجنة التي مكث فيها آدم قبل هبوطه إلى الأرض ، لم تكن
__________________
(١) «الرغد» : على وزن الصمد يعني الكثير والواسع والهنيء ؛ وعبارة «حيث شئتما» تعني : من أي مكان شئتما في الجنة ، أو من أي نوع شئتم من فاكهة الجنة.