ثامناً : الحيوان الذي يموت جراء نطحه من قبل حيوان آخر ، وقد سمت الآية هذا النوع من الحيوانات بـ (النَّطِيحَةُ).
تاسعاً : الحيوان الذي يقتل نتيجة هجوم حيوان متوحش عليه ، وسمي هذا النوع في الآية ب (مَا أَكَلَ السَّبُعُ).
لقد ذكرت الآية شرطاً واحداً لو تحقق لأصبحت لحوم الحيوانات المذكورة حلالاً ، وهذا الشرط هو أن يذبح الحيوان قبل موته وفق الآداب والتقاليد الإسلامية ، ليخرج الدم منه بالقدر الكافي فيحل بذلك لحمه ، ولذلك جاءت عبارة (إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ) بعد موارد التحريم مباشرة.
عاشراً : كان الوثنيون في العصر الجاهلي ينصبون صخوراً حول الكعبة ليست على أشكال أو هيئات معينة ، وكانوا يسمون هذه الصخور ب «النصب» حيث كانوا يذبحون قرابينهم أمامها ويمسحون الصخور تلك بدم القربان.
والفرق بين النصب والأصنام هو أنّ النصب ليست لها أشكال وصور بخلاف الأصنام ، وقد حرّم الإسلام لحوم القرابين التي كانت تذبح على تلك النصب ، فجاء حكم التحريم في الآية بقوله تعالى : (وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ).
وواضح أنّ تحريم هذا النوع من اللحوم إنّما يحمل طابعاً معنوياً وليس مادياً.
أحد عشر : وهناك نوع آخر من اللحوم المحرمة ، وهو اللحوم التي تذبح وتوزع بطريقة القمار ، وتوضيح ذلك هو أنّ عشرة من الأشخاص يتراهنون فيما بينهم فيشترون حيواناً ويذبحونه ، ثم يأتون بعشرة سهام كتب على سبعة منها عبارة «فائز» وعلى الثلاثة الاخرى كتبت عبارة «خاسر» فتوضع في كيس وتسحب واحدة واحدة باسم كل من الأشخاص العشرة على طريقة الإقتراع ، فالأشخاص الذين تخرج النبال السبعة الفائزة بأسمائهم يأخذون قسماً من اللحم دون أن يدفعوا ثمناً لما أخذوه من اللحم ، أمّا الأشخاص الثلاثة الآخرون الذين تخرج النبال الخاسرة بأسمائهم فيتحملون ثمن الحيوان بالتساوي ، فيدفع كل واحد منهم ثلث قيمة الحيوان دون أن يناله شيء من لحمه.
وقد سمى الجاهليون هذه النبال ب «الأزلام» وهي صيغة جمع من «زلم» وقد حرم الإسلام هذا النوع من اللحوم ، لا بمعنى وجود تأصل الحرمة في اللحم ، بل لأنّ الحيوان كان يذبح في عمل هو أشبه بالقمار ، ويجب القول هنا أنّ تحريم القمار وأمثاله لا ينحصر في اللحوم فقط ، بل إنّ القمار محرم في كل شيء وبأيّ صورة كان.