إلجاء عباده عند الاضطرار إلى تحمل المعاناة والمشقة ، وعدم معاقبتهم في مثل هذه الحالات. قالت الآية الكريمة : (فَمَنِ اضْطُرَّ فِى مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ). والمراد بالمخمصة هنا الجوع الشديد الذي يؤدّي إلى انخماص البطن ، سواء كان بسبب حالة المجاعة العامّة ، أو كان ناتجاً عن الحرمان الخاص.
(يَسْأَلُونَكَ مَا ذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَيْهِ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ) (٤)
سبب النّزول
في تفسير القرطبي : نزلت بسبب عديّ بن حاتم وزيد بن مهلهل وهو زيد الخيل الذي سمّاه رسول الله زيد الخير ؛ قالا : يا رسول الله! إنّا قوم نصيد بالكلاب والبُزاة وإنّ الكلاب تأخذ البقر والحُمُر والظّباء فمنه ما ندرك ذكاته ومنه ما تقتله فلا نُدرك ذكاته ، وقد حرّم الله الميتة فماذا يَحلّ لنا؟ فنزلت الآية.
التّفسير
الحلال من الصيد : أعقبت الآية الأخيرة آيتين سبق وأن تناولتا أحكاماً عن الحلال والحرام عن اللحوم وقد بيّنت هذه الآية نوعاً آخر من اللحوم أو الحيوانات التي يحل للإنسان تناولها وجاءت على صيغة جواب لسؤال ذكرته الآية نفسها بقولها : (يَسَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ).
فتأمر الآية النبي صلىاللهعليهوآله ـ أوّلاً ـ بأن يخبرهم إنّ كل ما كان طيباً وطاهراً فهو حلال لهم ، حيث تقول : (قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيّبَاتُ) دالة على أنّ كل ما حرمه الإسلام يعتبر من الخبائث غير الطاهرة ، وإنّ القوانين الإلهية لا تحرم ـ مطلقاً ـ الموجودات الطاهرة التي خلقها الله لينتفع بها البشر.
ثم تبيّن الآية أنواع الصيد الحلال ، فتشير إلى الصيد الذي تجلبه أو تصيده الحيوانات المدربة على الصيد ، فتؤكد بأنّه حلال ، بقولها : (وَمَا عَلَّمْتُم مِّنَ الْجَوَارِحِ مُكَلّبِينَ تُعَلّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللهُ).