(كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلحَوَارِيّينَ مَنْ أَنصَارِى إِلَى اللهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللهِ).
فسمّي المسيحيون لذلك بالنصارى.
ولما كان جمع من النصارى يقولون ما لا يفعلون ، ويزعمون أنّهم من أنصار المسيح عليهالسلام يقول القرآن في هذه الآية : (وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى). وهم لم يكونوا صادقين في دعواهم هذه ، لذلك تستطرد الآية الكريمة فتبيّن نتيجة هذا الإدعاء الكاذب ، وهو انتشار عداء أبدي فيما بينهم حتى يوم القيامة ، كما تقول الآية : (فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيمَةِ).
كما ذكرت الآية نوعاً آخر من الجزاء والعقاب لهذه الطائفة النصرانية ، وهو أنّهم سوف يعلمون نتيجة أعمالهم وسيرونها بأعينهم حيث تقول الآية : (وَسَوْفَ يُنَبّئُهُمُ اللهُ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ).
(يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ (١٥) يَهْدِي بِهِ اللهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) (١٦)
بعد أن تحدثت الآيات السابقة عن نقض اليهود والنصارى لميثاقهم ، جاءت الآية الأخيرة لتخاطب أهل الكتاب بصورة عامة وتدعوهم إلى الإسلام. وتبين الآية ـ في البداية ـ أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله المبعوث إليهم جاء ليظهر الكثير من الحقائق الخاصة بالكتب السماوية التي أخفوها هم (أهل الكتاب) وكتموها عن الناس ، وأنّ هذا الرسول يتغاضى عن كثير من تلك الحقائق التي انتفت الحاجة إليها وزال تأثيرها بزوال العصور التي نزلت لها ، فتقول الآية في هذا المجال : (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِّمَّا كُنتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ).
وتشير الآية الكريمة ـ أيضاً ـ إلى أهمّية وعظمة القرآن المجيد وآثاره العميقة في هداية وإرشاد وتربية البشرية ، فتقول : (قَدْ جَاءَكُم مِّنَ اللهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ). النور الذي يهدي به الله كل من يبتغي كسب مرضاته إلى سبل السلام ، كما تقول الآية الاخرى : (يَهْدِى بِهِ