(إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ (٣٦) لِيَمِيزَ اللهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعاً فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ أُولئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ) (٣٧)
سبب النّزول
في تفسير علي بن إبراهيم القمي : نزلت في قريش لما وافاهم ضمضم وأخبرهم بخروج رسول الله صلىاللهعليهوآله في طلب العير فأخرجوا أموالهم وحملوا وأنفقوا وخرجوا إلى محاربة رسول الله صلىاللهعليهوآله ببدر فقتلوا وصاروا إلى النار وكان ما أنفقوا حسرة عليهم.
التّفسير
مفهوم الآية مفهوم جامع يحمل في معناه كل ما بذله أعداء الحق والعدل من أموال لنيل مقاصدهم المشؤومة ، إذ تقول في مستهلها : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَن سَبِيلِ اللهِ). إلّاأنّ هذا الإنفاق والبذل لن يحقق لهم نصراً (فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ).
ولا يبتلون بالحسرة والهزيمة في الدنيا فحسب ، بل هم كذلك في الآخرة أيضاً (وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ).
وبعد أن تكلمت الآية السابقة على ثلاث نتائج مشؤومة لإنفاق أعداء الإسلام ، فإنّ الآية التي تليها تقول : (لِيَمِيزَ اللهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيّبِ).
هذه سنة إلهية دائمة أن يُعرف المخلص من غير المخلص ، والطاهر من غير الطاهر ، والمجاهد الصادق من الكاذب ، والأعمال الطيبة من الأعمال الخبيثة ، فلا يبقى أي من ذلك مجهولاً أبداً ، بل لابدّ في النهاية من أن تمتاز الصفوف بعضها عن بعض ويسفر الحق عن وجهه.
ثم تضيف الآية : (وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعًا فَيَجْعَلَهُ فِى جَهَنَّمَ).
فالخبيث من أيّة طائفة وفي أيّ شكل كان سيؤول في النهاية إلى الخسران ، كما تقول الآية في نهاية المطاف : (أُولئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ).