إِلَيْكُمْ) فيرجع إليكم جميعه ، بل أكثر ممّا أنفقتم (وَأَنتُمْ لَاتُظْلَمُونَ) ، وستنالون ثواب ذلك في هذه الدنيا في إنتصار الإسلام وقوته وعظمته.
كما أنّ ثواباً أعظم ينتظركم في العالم الآخر في جوار رحمة الله.
إنّ جملة «وأنتم لا تظلمون» معطوفة على جملة «ترهبون» أي أنّكم إذا ما أعددتم القوة اللازمة لمواجهة الأعداء فسيخافون أن يهجموا عليكم ، ولن يقدروا على ظلمكم وإيذائكم ، وبناءً على ذلك فلن يصيبكم ظلم أبداً.
مع أنّ الآية السابقة أوضحت هدف الجهاد في الإسلام بقدر كافٍ ، فإنّ الآية التالية التي تتحدّث عن الصلح بين المسلمين توضح هذا الأمر بصورة أجلى فتقول : (وَإِن جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا).
ولما كان الناس يترددون أغلب الأحيان عندما يراد التوقيع على معاهدة الصلح ، فإنّ الآية تأمر النبي بعدم التردد في الأمر إذا كانت الشروط عادلة ومنسجمة مع المنطق السليم والعقل ، فتقول : (وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ).
ومع ذلك فهي تحذر النبي صلىاللهعليهوآله والمسلمين من احتمال الإحتيال والخداع في دعوة الأعداء إلى الصلح ، فقد تكون دعوةً للتمويه والرّغبة في توجيه ضربة مفاجئة ، أو يكون هدفهم هو تأخير الحرب ليتمكنوا من إعداد قوات أكثر ، إلّاأنّ الآية تطمئن النبي صلىاللهعليهوآله أن لا يخشى هذا الأمر أيضاً ، لأنّ الله عزوجل سيكفيه أمرهم وسينصره في جميع الأحوال ، إذ تقول : (وَإِن يُرِيدُوا أَن يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللهُ).
وسيرتك أيّها النبي ـ السابقة ـ شاهدة على هذه الحقيقة ، لأنّ الله (هُوَ الَّذِى أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ).
أضف إلى ذلك أنّ المؤمنين المخلصين قد أحاطوا بك من كل جانب ولم يدخروا وسعاً في الدفاع عنك ، فقد كانوا قبل ذلك متشتتين متعادين ، ولكن الله شرح صدورهم بأنوار الهداية (وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ).
وقد كانت الحرب لسنوات طويلة قائمة على قدم وساق بين طائفتي الأوس والخزرج بشكل لم يكن أي أحد يتصور أنّهم سيعيشون بعضهم مع بعض بالحب والصفاء في يوم ما ، ولكن الله القادر المتعال فعل ذلك ببركة الإسلام وفي ظلال القرآن.
ثم تضيف الآية أنّ اتحاد تلك القلوب ، أو إيجاد تلك الألفة ، لم يكن بوسائل مألوفة أو