حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مّثْلُهُ). أي : الفلزات المذابة بالنار لصناعة أدوات الزينة منها أو صناعة الوسائل اللازمة في الحياة.
بعد بيان هذا المثال بشكله الواسع لظهور الزبد ليس فقط في الماء بل حتى للفلزات وللمتاع ، يستنتج القرآن الكريم : (كَذلِكَ يَضْرِبُ اللهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ). ثمّ يتطرّق إلى شرحه فيقول : (فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِى الْأَرْضِ).
وفي آخر الآية ـ للمزيد من التأكيد في مطالعة هذه الأمثال ـ يقول تعالى : (كَذلِكَ يَضْرِبُ اللهُ الْأَمْثَالَ).
المثال يعمّم المفاهيم : كثير من البحوث العلمية بشكلها الأصلي يفهمها الخواص فقط ، ولا يستفيد منها عامة الناس ، ولكن عندما يصحبها المثال تكون قابلة للفهم ، ويستفيد منها الناس على اختلاف مستوياتهم العلمية ، ولهذا فالمثال وسيلة لتعميم الفكر والثقافة.
(لِلَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمُ الْحُسْنَى وَالَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُ لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ لَافْتَدَوْا بِهِ أُولئِكَ لَهُمْ سُوءُ الْحِسَابِ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ) (١٨)
الذين استجابوا لدعوة الحق : بعد ما كشفت الآيات السابقة عن وجهي الحق والباطل من خلال مثال واضح وبليغ ، أشارت هذه الآية إلى مصير الذين إستجابوا لربهم والذين لم يستجيبوا لهذه الدعوة واتّجهوا صوب الباطل. تقول أوّلاً : (لِلَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمُ الْحُسْنَى).
«الحسنى» : في معناها الواسع تشمل كل خير وسعادة.
ثم تضيف الآية : (وَالَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُ لَوْ أَنَّ لَهُم مَا فِى الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لَافْتَدَوْا بِهِ).
لا توجد صيغة أوضح من هذه الآية في بيان شدّة عذابهم وعقابهم ، يمتلك الإنسان كل ما في الأرض وضعفه أيضاً ويفتدي به للنجاة ولا يحصل النجاة. تشير هذه الجملة في الواقع إلى آخر امنية والتي لا يمكن أن يتصور أكثر منها ، وهي أن يمتلك الإنسان كل ما في الأرض ، ولكن شدّة العذاب للظالمين ومخالفي الحق تصل بهم إلى درجة أن يفتدوا بكل هذه الامنية