الاخرى ، تحدّثت هذه الآية مرّةً اخرى حول المعاد وخصوصاً نِعَم الجنة وعذاب الجحيم. يقول تعالى : (مَّثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِى وُعِدَ الْمُتَّقُونَ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الْأَنْهْرُ).
قد يكون التعبير ب «مثل» إشارة إلى هذه النكتة ، وهي أنّ الجنّة وسائر النعم الاخروية غير قابلة للوصف بالنسبة إلى الساكنين في هذا العالم المحدود الذي هو في مقابل عالم بعد الموت يعتبر صغيراً جدّاً ، ولذلك نستطيع أن نضرب لهم مثلاً أو صورة عن ذلك.
الوصف الثاني للجنة هو (أُكُلُهَا دَائِمٌ) فهي ليست كفاكهة الدنيا فصلية وتظهر في وقت معين من السنة ، بل في بعض الأحيان وبسبب الآفات الزراعية تنقطع تماماً.
وكذلك (وَظِلُّهَا) كبقية النعم الاخرى خالدة ودائمة ، ومن هذا يتّضح أن ليس في الجنة فصل لتساقط الأوراق ، ونعلم من ذلك ـ أيضاً ـ أنّ شعاع الشمس موجود في الجنة ، وإلّا كان التعبير بالظل هناك بدون شعاع الشمس ليس له أي مفهوم.
وبعد بيان هذه الصفات الثلاث قال تعالى في آخر الآية : (تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَوا وَّعُقْبَى الْكَافِرِينَ النَّارُ).
لقد بيّن وفصّل في هذه العبارة نعم الجنة ، ولكن بالنسبة إلى أصحاب النار ذكر جملة قصيرة وبعنف حيث ذكر أنّ عاقبة أمرهم إلى النار.
(وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَفْرَحُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمِنَ الْأَحْزَابِ مَنْ يُنْكِرُ بَعْضَهُ قُلْ إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللهَ وَلَا أُشْرِكَ بِهِ إِلَيْهِ أَدْعُو وَإِلَيْهِ مَآبِ) (٣٦)
المؤمنون والأحزاب : أشارت هذه الآية إلى ردّ الفعل المتفاوت للناس في مقابل نزول الآيات القرآنية ، فالأفراد الذين يبحثون عن الحقيقة يفرحون بما انزل على الرسول ، بينما المعاندون يخالفون ذلك. يقول تعالى : (وَالَّذِينَءَاتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَفْرَحُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ). أي : أنّ الطالبون للحق من اليهود والنصارى وأمثالهم يفرحون عند نزول الآيات على الرسول صلىاللهعليهوآله لأنّهم كانوا من جهة يرونها مطابقة لما في أيديهم من العلامات ، ومن جهة اخرى كان سبباً لحريتهم ونجاتهم من شرّ الخرافات ومن علماء اليهود والمسيحية الذين كانوا يستعبدونهم ، وكانوا محرومين من حرية الفكر والتكامل الإنساني.
ثم تضيف الآية : (وَمِنَ الْأَحْزَابِ مَن يُنكِرُ بَعْضَهُ). المقصود من هذه المجموعة هي نفس جماعة اليهود والنصارى الذين غلبهم التعصّب الطائفي وأمثاله ، ولذلك لم يعبّر القرآن الكريم