تطلب الشرف سوّدناك علينا ، وإن كانت علّة غلبت عليك طلبنا لك الأطباء.
فقال صلىاللهعليهوآله : ليس شيء من ذلك ، بل بعثني الله إليكم رسولاً ، وأنزل كتاباً ، فإن قبلتم ما جئت به فهو حظكم في الدنيا والآخرة ، وإن تردّوه أصبر حتى يحكم الله بيننا.
قالوا : فإذن ليس أحد أضيق بلداً منّا فاسأل ربّك أن يسيّر هذه الجبال ، ويجري لنا أنهاراً كأنهار الشام والعراق ....
فقال صلىاللهعليهوآله : «ما بهذا بعثت» ....
قالوا : فأسقط علينا السماء كما زعمت إنّ ربّك إن شاء فعل ذلك.
قال صلىاللهعليهوآله : «ذاك إلى الله إن شاء فعل».
وقال قائل منهم : لا نؤمن حتى تأتي بالله والملائكة قبيلاً. فقام النبي صلىاللهعليهوآله وقام معه عبد الله بن أبي أمية المخزومي ابن عمّته عاتكة بنت عبد المطلب ، فقال : يا محمّد عرض عليك قومك ما عرضوا فلم تقبله ... فوالله لا أؤمن بك أبداً حتى تتخذ سُلّماً إلى السماء ثم ترقى فيه وأنا أنظر ، ويأتي معك نفر من الملائكة يشهدون لك ، وكتاب يشهد لك ....
فانصرف رسول الله صلىاللهعليهوآله حزيناً لما رأى من قومه ، فأنزل الله سبحانه الآيات.
التّفسير
بعد الآيات السابقة التي تحدثت عن عظمة وإعجاز القرآن ، جاءت هذه الآيات تشير إلى ذرائع المشركين ، هذه الطلبات وردت على ستة أقسام هي :
١ ـ في البداية يقولون : (وَقَالُوا لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الْأَرْضِ يَنبُوعًا).
٢ ـ قولهم كما في الآية : (أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِّن نَّخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجّرَ الْأَنْهَارَ خِللَهَا تَفْجِيرًا).
٣ ـ (أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا).
٤ ـ (أَوْ تَأْتِىَ بِاللهِ وَالْمَلِكَةِ قَبِيلاً).
٥ ـ (أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِّن زُخْرُفٍ).
٦ ـ (أَوْ تَرْقَى فِى السَّمَاءِ وَلَن نُّؤْمِنَ لِرُقِيّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَّقْرَؤُهُ).
ثم يصدر الأمر من الخالق جلّ وعلا لرسوله صلىاللهعليهوآله أن يقول لهؤلاء في مقابل اقتراحاتهم هذه : (قُلْ سُبْحَانَ رَبّى هَلْ كُنتُ إِلَّا بَشَرًا رَّسُولاً).