نعمة الجبال والبحار والنجوم : تبيّن هذه الآيات قسماً آخر من النعم الإلهية غير المحدودة التي تفضّل بها الله عزوجل على الإنسان ، فيبدأ القرآن الكريم بذكر البحار ، المنبع الحيوي للحياة ، فيقول : (وَهُوَ الَّذِى سَخَّرَ الْبَحْرَ).
وكما هو معلوم أنّ البحار تشكّل القسم الأكبر من سطح الكرة الأرضية ، وأنّ الماء أساس الحياة ، ولا زالت البحار تعتبر المنبع المهم في إدامة الحياة البشرية وحياة جميع الكائنات الحية على سطح الكرة الأرضية.
فما أكبرها من نعمة حين جعلت البحار في خدمة الإنسان ....
ثم يشير الباري سبحانه إلى ثلاثة أنواع من منافع البحار : (لِتَأْكُلُوامِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا). فقد جعل الله في البحار لحماً ليتناوله الإنسان من غير أن يبذل أدنى جهد في تربيته ، بل أوجدته ونمّته يد القدرة الإلهية.
ومن فوائد البحار أيضاً تلك المواد التجميلية المستخرجة من قاعه : (وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا).
الحس الجمالي من الامور الفطرية التي فطر الإنسان عليها وهو الباعث على إثارة الشعر والفن الأصيل وما شاكلها عنده.
وينبغي العمل على إشباعه بشكل صحيح وسالم بعيداً عن أيّ نوع من الإفراط والتفريط.
ولهذا أوصى الإسلام كثيراً بالتزيّن المعقول الخالي من أي إسراف مثل : لبس اللباس الجيّد ، التطيّب بالعطور ، استعمال الأحجار الكريمة ... الخ.
ثم يتطرق القرآن إلى الفائدة الثالثه في البحار : حركة السفن على سطح مياهها ، كوسيلة مهمة لتنقل الإنسان ونقل ما يحتاجه ، فيقول : (وَتَرَى الفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ).
وأعطاكم الله هذه النعمة لتستفيدوا منها في التجارة أيضاً (وَلِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ).
وبعد ذكر هذه النعم التي تستلزم من الإنسان العاقل أن يشكر واهبها ، يأتي في ذيل الآية : (وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ).
ثم يأتي الحديث عن الجبال بعد عرض فوائد البحار : (وَأَلْقَى فِى الْأَرْضِ رَوَاسِىَ أَن تَمِيدَ بِكُمْ).