(قُلْ كَفَى بِاللهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيراً بَصِيراً (٩٦) وَمَنْ يَهْدِ اللهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِهِ وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهِمْ عُمْياً وَبُكْماً وَصُمّاً مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيراً) (٩٧)
بعد أن قطعت الآيات السابقة أشواطاً في مجال التوحيد والنبوة وعرض حديث المعارضين والمشركين ، فإنّ هذه الآيات عبارة عن خاتمة المطاف في هذا الحديث ، إذ تضع النتيجة الأخيرة لكل ذلك. ففي البداية تقول الآية إذا لم يقبل اولئك أدلتك الواضحة حول التوحيد والنبوة والمعاد فقل لهم : (قُلْ كَفَى بِاللهِ شَهِيدًا بَيْنِى وَبَيْنَكُمْ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا).
إنّ هذه الآية تستهدف أمرين فهي أوّلاً : تهدّد المعارضين المتعصبين والمعاندين ، بأنّ الله خبير وبصير ويشهد أعمالنا وأعمالكم ، فلا تظنّوا بأنّكم خارجون عن محيط قدرته أو أنّ شيئاً من أعمالكم خاف عنه.
الأمر الثاني هو أنّ الرسول صلىاللهعليهوآله أظهر إيمانه القاطع بما قال ، حيث إنّ ايمان المتحدّث القوي بما يقول ، له أثر نفسي عميق في المستمع ، وعسى أن يكون هذا التعبير القاطع والحاسم المقرون بنوع من التهديد مؤثّراً فيهم ، ويهزّ وجودهم ، ويوقظ فكرهم ووجدانهم ويهديهم إلى الطريق الصحيح.
الآية التالية تؤكّد على أنّ الشخص المهتدي هو الذي قذف الله تعالى نور الإيمان في قلبه : (وَمَن يَهْدِ اللهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ). أمّا من أضلّه الله بسوء أعماله : (وَمَن يُضْلِلْ فَلَن تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِهِ). فالطريق الوحيد هو أن يرجعوا إليه ويطلبوا نور الهداية منه.
هاتان الجملتان تثبتان أنّ الدليل القوي والقاطع لا يكفي للإيمان ، فما لم يكن هناك توفيق إلهي لا يستقر الإيمان أبداً.
أمّا عن سبب مجيء «أولياء» بصيغة الجمع ، فقد يعود ذلك للإشارة إلى تعدد الآلهة