وقال البعض الآخر : إنّه ابن الله!
ورأى آخرون : إنّه أحد الأقانيم الثلاثة ـ الذوات الثلاثة المقدسة ـ الأب والإبن وروح القدس ، الله الأب ، والله الإبن وروح القدس.
وآخرون قالوا : إنّه ثالث ثلاثة : فالله معبود ، وهو معبود ، وامّه معبودة!
وأخيراً قال البعض : إنّه عبد الله ورسوله.
ولمّا كان الانحراف عن أصل التوحيد يعتبر أكبر انحراف للمسيحيين ، فقد رأينا كيف أنّ الله قد هدّد هؤلاء في ذيل الآية بأنّهم سيكون لهم مصير مؤلم مشؤوم في يوم القيامة ، في ذلك المشهد العام ، وأمام محكمة الله العادلة.
ثم تبيّن الآية التالية وضع اولئك في عرصات القيامة ، فتقول عندما يقدمون علينا يوم القيامة فسوف تكون لهم اسماع قويّة وابصار حادّه فيسمعون ويرون جميع الحقائق التي كانت خافية عليهم في هذه الدنيا ، ولكن الظالمين اليوم ، أي في هذه الدنيا غافلون عن هذه العاقبة : (أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ يَوْمَ يَأْتُونَنَا لكِنِ الظلِمُونَ الْيَوْمَ فِى ضَللٍ مُّبِينٍ).
ومن الطبيعي أن تسلب المحكمة وآثار الأعمال نوم الغفلة من العين والأذن ، وحتى عمي القلوب فإنّهم سيعون الأمر ويعلمون الحق ، إلّاأنّ هذا الوعي والعلم لا ينفعهم شيئاً.
ثم تؤكّد الآية التالية مرّة اخرى على مصير المنحرفين والظالمين في ذلك اليوم ، فتقول : (وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِىَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِى غَفْلَةٍ وَهُمْ لَايُؤْمِنُونَ).
حيث يتحسّر المؤمنون المحسنون على قلّة عملهم ، وياليتهم كانوا قد عملوا أكثر ، وكذلك يتحسّر المسيئون ، لأنّ الحجب تزول ، وتتّضح حقائق الأعمال ونتائجها للجميع.
ثم تحذّر الآية الأخيرة ـ من آيات البحث ـ كل الظالمين والجائرين ، وتذكّرهم بأنّ هذه الأموال التي تحت تصرفهم الآن ليست خالدة ، كما أنّ حياتهم ليست خالدة ، بل إنّ الوارث الأخير لكل شيء هو الله سبحانه : (إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا وَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ).
(وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقاً نَبِيّاً (٤١) إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئاً (٤٢) يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطاً سَوِيّاً (٤٣) يَا أَبَتِ لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمنِ عَصِيّاً (٤٤) يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِنَ الرَّحْمنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيّاً) (٤٥)