عَلَيْهِمْءَايَاتُنَا بَيّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَءَامَنُوا أَىُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَّقَامًا وَأَحْسَنُ نَدِيًّا).
إلّا أنّ القرآن الكريم يجيب هؤلاء بجواب منطقي ومستدل تماماً ، وفي الوقت نفسه قاطع ومفحم ، فيقول : كأنّ هؤلاء قد نسوا تاريخ البشر ، ولم ينظروا كم دمّرنا من الأقوام السابقين عند تمرّدهم وعصيانهم : (وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّن قَرْنٍ هُمْ أَحْسَنُ أَثَاثًا وَرِءْيًا) (١). فهل استطاعت أموالهم وثروتهم ، ومجالسهم الفاسقة ، وملابسهم الفاخرة ، وصورهم الجميلة أن تمنع العذاب الإلهي وتقف أمامه.
ثم تحذّرهم تحذيراً آخر ، بأن لا تظنّوا أيّها الظالمون الكافرون أنّ مالكم وثروتكم هذه رحمة ، بل كثيراً ما تكون دليلاً على العذاب الإلهي : (قُلْ مَن كَانَ فِى الضَّللَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمنُ مَدًّا حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ إِمَّا الْعَذَابَ وَإِمَّا السَّاعَةَ). أي : إمّا العذاب في هذه الدنيا ، وإمّا عذاب الآخرة ، (فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَّكَانًا وَأَضْعَفُ جُندًا).
وهذا هو ما ذكر في بعض آيات القرآن بعنوان عقاب «الإستدراج».
هذه عاقبة ومصير الظالمين المخدوعين بزخرف الدنيا وزبرجها ، أمّا اولئك الذين آمنوا واهتدوا ، فإنّ الله يزيدهم هدىً وإيماناً (وَيَزِيدُ اللهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى).
من البديهي أنّ للهداية درجات ، فإذا طوى الإنسان درجاتها الاولى فإنّ الله يأخذه بيده ويرفعه إلى درجات أعلى.
وفي النهاية تجيب الآية هؤلاء الذين اعتمدوا على زينة الدنيا السريعة الزوال ، وجعلوها وسيلة للتفاخر على الآخرين ، فتقول : (وَالبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ مَّرَدًّا).
(أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لَأُوتَيَنَّ مَالاً وَوَلَداً (٧٧) أَطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْداً (٧٨) كَلَّا سَنَكْتُبُ مَا يَقُولُ وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذَابِ مَدّاً (٧٩) وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ وَيَأْتِينَا فَرْداً (٨٠) وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزّاً (٨١) كَلَّا سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدّاً) (٨٢)
تفكير خرافي ومنحرف : يعتقد بعض الناس أنّ الإيمان والطهارة والتقوى لا تناسبهم ،
__________________
(١) «الأثاث» : بمعنى المتاع وزينة الدنيا ؛ و «رئي» : بمعنى الهيئة والمنظر.