وهنا صدر الأمر لموسى : (قَالَ خُذْهَا وَلَا تَخَفْ سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الْأُولَى).
ثم أشارت الآية التالية إلى المعجزة المهمة الثانية لموسى ، فأمرته : (وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلَى جَنَاحِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍءَايَةً أُخْرَى).
إنّ موسى كان مأموراً أن يدخل يده في جيبه ويوصلها إلى تحت إبطه.
وجملة (مِنْ غَيْرِ سُوءٍ) إشارة إلى أنّ بياض يدك ليس نتيجة مرض البرص وأمثاله ، بدليل أنّ لها لمعاناً وبريقاً خاصاً يظهر في لحظة ويختفي في لحظة اخرى.
وتقول الآية الأخيرة ، وكنتيجة لما مرّ بيانه في الآيات السابقة : (لِنُرِيَكَ مِنْءَايَاتِنَا الْكُبْرَى). والمراد من الآيات الكبرى هو تلكما المعجزتان المهمتان اللتان وردتا أعلاه.
(اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (٢٤) قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي (٢٥) وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي (٢٦) وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي (٢٧) يَفْقَهُوا قَوْلِي (٢٨) وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي (٢٩) هَارُونَ أَخِي (٣٠) اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي (٣١) وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي (٣٢) كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيراً (٣٣) وَنَذْكُرَكَ كَثِيراً (٣٤) إِنَّكَ كُنْتَ بِنَا بَصِيراً (٣٥) قَالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَا مُوسَى) (٣٦)
موسى وطلباته القيّمة : إلى هنا وصل موسى إلى مقام النبوة ، وتلقّى معاجز مهمّة تسترعي الإنتباه ، إلّاأنّه من الآن فصاعداً صدر له أمر الرسالة ... رسالة عظيمة وثقيلة جدّاً ... الرسالة التي تبدأ بإبلاغ أعتى وأخطر شخص في ذلك المحيط ، فتقول الآية : (اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى).
أجل ... فمن أجل إصلاح بيئة فاسدة ، وإيجاد ثورة شاملة يجب البدء برؤوس الفساد وأئمة الكفر ... اولئك الذين لهم تأثير في جميع أركان المجتمع.
ومضافاً إلى أنّ موسى عليهالسلام لم يستوحش ولم يخف من هذه المهمّة الثقيلة الصعبة ، ولم يطلب من الله أيّ تخفيف في هذه المهمّة ، فإنّه قد تقبّلها بصدر رحب ، غاية ما في الأمر أنّه طلب من الله أسباب النصر في هذه المهمّة. ولمّا كان أهم وأوّل أسباب النصر الروح الكبيرة ، والفكر الوقّاد ، والعقل المقتدر ، وبعبارة اخرى : رحابة الصدر ، فقد (قَالَ رَبّ اشْرَحِ لِى صَدْرِى).
ولمّا كان هذا الطريق مليئاً بالمشاكل والمصاعب التي لا يمكن تجازوها إلّابلطف الله ، فقد