(فَأَجْمِعُوا كَيْدَكُمْ ثُمَّ ائْتُوا صَفًّا) لأنّ الوحدة رمز إنتصاركم في هذه المعركة المصيرية الحاسمة (وَقَدْ أَفْلَحَ الْيَوْمَ مَنِ اسْتَعْلَى).
(قَالُوا يَا مُوسَى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى (٦٥) قَالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى (٦٦) فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى (٦٧) قُلْنَا لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلَى (٦٨) وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى) (٦٩)
موسى عليهالسلام ينزل إلى الساحة : لقد اتّحد السّحرة ظاهراً ، وعزموا على محاربة موسى عليهالسلام ومواجهته ، فلمّا نزلوا إلى الميدان (قَالُوا يمُوسَى إِمَّا أَن تُلْقِىَ وَإِمَّا أَن نَّكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى).
غير أنّ موسى عليهالسلام بدون أن يبدي عجلة ، لإطمئنانه بأنّ النصر سوف يكون حليفه ، بل وبغضّ النظر عن أنّ الذي يسبق إلى الحلبة في هذه المجابهات هو الذي يفوز (قَالَ بَلْ أَلْقُوا).
فقبل السحرة ذلك أيضاً ، وألقوا كل ما جلبوه معهم من عصي وحبال للسحر في وسط الساحة دفعة واحدة ، وإذا قبلنا الرواية التي تقول : إنّهم كانوا آلاف الأفراد ، فإنّ معناها أنّ في لحظة واحدة القيت في وسط الميدان آلاف العصي والحبال التي ملئت أجوافها بمواد خاصة (فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِن سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى).
إنّ المشهد كان عجيباً جدّاً ، فإنّ السحرة الذين كان عددهم كبيراً ، وتمرّسهم وإطلاعهم في هذا الفن عميقاً ، وكانوا يعرفون جيّداً طريقة الاستفادة من خواص هذه الأجسام الفيزيائية والكيميائية الخفية ، استطاعوا أن ينفذوا إلى أفكار الحاضرين ليصدّقوا أنّ كل هذه الأشياء الميتة قد ولجتها الروح ، فعلت صرخات السرور من الفراعنة ، بينما كان بعض الناس يصرخون من الخوف والرعب ، ويتراجعون إلى الخلف.
في هذه الأثناء (فَأَوْجَسَ فِى نَفْسِهِ خِيفَةً مُّوسَى). «أوجس» : أخذت من مادة «إيجاس» وفي الأصل من (وجس) على وزن (حبس) بمعنى الصوت الخفي ، وبناءً على هذا فإنّ الإيجاس يعني الإحساس الخفي والداخلي ، وهذا يوحي بأنّ خوف موسى الداخلي كان سطحياً وخفيفاً. كما نقرأ في خطبة الإمام علي عليهالسلام : «لم يوجس موسى عليهالسلام خيفة على نفسه ، بل