يدّعون الالوهية مطلقاً ، أمّا إذا فرضنا ذلك (وَمَن يَقُلْ مِنْهُمْ إِنّى إِلهٌ مِّن دُونِهِ فَذلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ).
إنّ إدّعاء الالوهية في الحقيقة مصداق واضح على ظلم النفس والمجتمع ، ويندرج في القانون العام (كَذلِكَ نَجْزِى الظلِمِينَ).
(أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقاً فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ (٣٠) وَجَعَلْنَا فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِهِمْ وَجَعَلْنَا فِيهَا فِجَاجاً سُبُلاً لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ (٣١) وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفاً مَحْفُوظاً وَهُمْ عَنْ آيَاتِهَا مُعْرِضُونَ (٣٢) وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ) (٣٣)
علامات اخرى لله في عالم الوجود : تعقيباً على البحوث السابقة حول عقائد المشركين الخرافية ، والأدلة التي ذكرت على التوحيد ، فإنّ في هذه الآيات سلسلة من براهين الله في عالم الوجود ، وتدبيره المنظم ، وتأكيداً على هذه البحوث تقول أوّلاً : (أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّموَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَىْءٍ حَىّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ).
إنّ المراد من رتق السماء هو أنّها لم تكن تمطر في البداية ، والمراد من رتق الأرض أنّها لم تكن تنبت النبات في ذلك الزمان ، إلّاأنّ الله سبحانه فتق الإثنين ، فأنزل من السماء المطر ، وأخرج من الأرض أنواع النباتات.
وأمّا فيما يتعلق بإيجاد كل الكائنات الحية من الماء ، فهناك تفسيران مشهوران :
أحدهما : إنّ حياة كل الكائنات الحية ـ سواء كانت النباتات أم الحيوانات ـ ترتبط بالماء ، هذا الماء الذي كان مبدؤه المطر الذي نزل من السماء.
والآخر : إنّ الماء هنا إشارة إلى النطفة التي تتولّد منها الكائنات الحية عادةً.
وما يلفت النظر أنّ علماء عصرنا الحديث يعتقدون أنّ أوّل إنبثاقة للحياة وجدت في أعماق البحار ، ولذلك يرون أنّ بداية الحياة من الماء ، وإذا كان القرآن يعتبر خلق الإنسان من التراب ، فيجب أن لا ننسى أنّ المراد من التراب هو الطين المركّب من الماء والتراب.
وأشارت الآية التالية إلى جانب آخر من آيات التوحيد ونعم الله الكبيرة ، فقالت :