(وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْداً وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ (٨٩) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ) (٩٠)
نجاة زكريا من الوحدة : تبيّن هاتان الآيتان جانباً من قصة شخصيتين اخريين من أنبياء الله العظماء ، وهما زكريا ويحيى عليهماالسلام ، فتقول الاولى : (وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبّ لَاتَذَرْنِى فَرْدًا وَأَنتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ).
لقد مرّت سنين من عمر زكريا ، واشتعل رأسه شيباً ، ولم يرزق الولد حتى ذلك الحين ، ثم أنّ زوجته كانت عقيماً ، وقد كان يأمل أن يُرزق ولداً يستطيع أن يُكمل مناهجه الإلهية وأعماله التبليغية.
وعندئذ توجّه إلى الله بكلّ وجوده وسأله ولداً صالحاً.
فاستجاب الله هذا الدعاء الخالص المليء بعشق الحقيقة ، وحقّق امنيته وما كان يصبوا إليه ، كما تقول الآية : (فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى). ومن أجل الوصول إلى هذا المراد أصلحنا زوجته وجعلناها قادرة على الإنجاب (وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ).
ثم أشار الله سبحانه إلى ثلاث صفات من الصفات البارزة لهذه الاسرة فقال : (إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِى الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خشِعِينَ).
«رغباً» : بمعنى الرغبة والميل والعلاقة ؛ و «رهباً» : بمعنى الخوف والرعب ؛ و «الخشوع» : هو الخضوع المقرون بالإحترام والأدب ، وكذلك الخوف المشفوع بالإحساس بالمسؤولية.
إنّ ذكر هذه الصفات الثلاث ربّما تكون إشارة إلى أنّ هؤلاء عندما يصلون إلى النعمة فلا يبتلون بالغفلة والغرور كما في الأشخاص الماديين من ضعفاء الإيمان.
(وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهَا مِنْ رُوحِنَا وَجَعَلْنَاهَا وَابْنَهَا آيَةً لِلْعَالَمِينَ) (٩١)
مريم السيدة الطاهرة : اشير في هذه الآية إلى مقام مريم وعظمتها وعظمة إبنها المسيح عليهماالسلام. إنّ ذكر مريم في ثنايا البحوث التي تتكلّم على الأنبياء الكرام ؛ إمّا من أجل