ولدها عيسى عليهالسلام ، أو لأنّ ولادته كانت تشبه ولادة يحيى بن زكريا عليهماالسلام من جهات متعددة ، وقد ذكرنا تفصيل ذلك في ذيل آيات سورة مريم ، أو ليوضّح أنّ العظمة غير مختصة بالرجال ، بل هناك نساء عظيمات يدلّ تاريخهن على عظمتهن ، وكنّ قدوة ومثلاً أسمى لنساء العالم. تقول الآية : واذكر مريم ، (وَالَّتِى أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهَا مِن رُّوحِنَا وَجَعَلْنهَا وَابْنَهَاءَايَةً لّلْعَالَمِينَ).
«الفرج» : معناه في اللغة الفاصلة والشقّ ، واستعمل كناية عن العضو التناسلي.
(إِنَّ هذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ (٩٢) وَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ كُلٌّ إِلَيْنَا رَاجِعُونَ (٩٣) فَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا كُفْرَانَ لِسَعْيِهِ وَإِنَّا لَهُ كَاتِبُونَ) (٩٤)
امّة واحدة : لمّا ورد في الآيات السابقة أسماء جمع من أنبياء الله ، وكذلك مريم ، تلك المرأة التي كانت مثلاً أسمى ، وجانب من قصصهم ، فإنّ هذه الآيات تستخلص نتيجة مما مرّ ، فتقول : (إِنَّ هذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً). فقد كان منهجهم واحداً ، وهدفهم واحداً بالرغم من اختلافهم في الزمان والمحيط والخصائص والأساليب والطرائق.
إنّ توحيد ووحدة الخطط والأهداف هذه تعود إلى أنّها جميعاً تصدر عن مصدر واحد ، عن إرادة الله الواحد ، ولهذا تقول الآية مباشرةً : (وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ).
إنّ توحيد الأنبياء الإعتقادي في الواقع يقوم على أساس وحدة منبع الوحي.
«الامّة» : تعني كل جماعة تربطهم جهة مشتركة ، وهنا إشارة إلى الأنبياء الذين مرّ ذكرهم في الآيات السابقة.
وأشارت الآية التالية إلى انحراف جماعة عظيمة من الناس عن أصل التوحيد ، فقالت : (وَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ). فقد وصل بهم الأمر إلى أن يقف بعضهم ضدّ بعض ، ويلعن بعضهم بعضاً ويتبرّأ منه ، ولم يكتفوا بذلك ، بل شهروا السلاح فيما بينهم ، وسفكوا الدماء الكثيرة ، وكانت هذه الأحداث نتيجة الإنحراف عن أصل التوحيد ودين الله الحق.
«تقطّعوا» : من مادّة قطع ، بمعنى تفريق القطع المتصلة بموضوع واحد. إنّ اولئك قد إستسلموا أمام عوامل التفرقة والنفاق ، ورضوا بأن يبتعد أحدهم عن الآخر ، وأنهوا