في هذه الأثناء ترفع عن أبصارهم حجب الغفلة والغرور ، فيرتفع صوتهم : (يَا وَيْلَنَا قَدْ كُنَّا فِى غَفْلَةٍ مّنْ هذَا). ولما كانوا لا يقدرون على تغطية ذنبهم بهذا العذر ليبرّئوا أنفسهم ، فإنّهم يقولون بصراحة : (بَلْ كُنَّا ظَالِمِينَ).
كيف يمكن عادةً مع وجود كل هؤلاء الأنبياء ، والكتب السماوية ، وكل هذه الحوادث المثيرة والعبر والدروس أن يكونوا في غفلة؟ إنّ ما صدر من هؤلاء تقصير وظلم لأنفسهم وللآخرين.
«حدب» : على زنة «أدب» معناه ما إرتفع من الأرض بين منخفضاتها ، وقد يطلق على ما إرتفع وبرز من ظهر الإنسان أيضاً.
«ينسلون» : من مادة «نسول» (على وزن فضول) ، أي الخروج بسرعة.
«شاخصة» : من الشخوص ، وهو في الأصل الخروج من المنزل ، أو الخروج من مدينة إلى اخرى ، ولما كانت العين عند التعجب والدهشة كأنّها تريد الخروج من الحدقة ، فقد قيل لذلك «شخوص» إنّ هذه هي حالة المذنبين العاصين في القيامة يصبحون حائرين كأنّ أعينهم تريد أن تخرج من أحداقهم.
(إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ (٩٨) لَوْ كَانَ هؤُلَاءِ آلِهَةً مَا وَرَدُوهَا وَكُلٌّ فِيهَا خَالِدُونَ (٩٩) لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَهُمْ فِيهَا لَا يَسْمَعُونَ (١٠٠) إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ (١٠١) لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خَالِدُونَ (١٠٢) لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ هذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ) (١٠٣)
حصب جهنم : متابعة للبحث السابق عن مصير المشركين الظالمين ، فقد وجّهت هذه الآيات الخطاب إليهم ، وجسّدت مستقبلهم ومستقبل آلهتهم بهذه الصورة : (إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ). «الحصب» : في الأصل يعني الرمي والإلقاء ، وتقال بالذات لإلقاء قطع الحطب في التنور.
إنّكم وآلهتكم ستكوّنون حطب جهنم ، وستُلقون الواحد تلو الآخر في نار جهنم كقطع