اللهم لبيك أوَلا ترونهم يأتون يلبون فمن حج من يومئذ إلى يوم القيامة فهم ممن استجاب لله وذلك قوله (فِيهِءَايَاتٌ بَيّنَاتٌ مَّقَامُ إِبْرهِيمَ) يعني نداء إبراهيم على المقام بالحج.
وتناولت الآية التالية فلسفة الحج فقالت : (لِّيَشْهَدُوا مَنفِعَ لَهُمْ). أي إنّ على الناس الحج إلى هذه الأرض المقدسة ، ليروا منافع لهم بام أعينهم.
إنّ كلمة «المنافع» تشمل جميع المنافع والبركات المعنوية والمكاسب المادية ، وكل عائد فردي واجتماعي ، ومعطيات سياسية واقتصادية وأخلاقية ، فما أحرى بالمسلمين أن يتوجّهوا من أنحاء العالم إلى مكة ليشهدوا هذه المنافع.
ثم تضيف الآية : (وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ فِى أَيَّامٍ مَّعْلُومتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مّن بَهِيمَةِ الْأَنْعمِ). أي أنّه على المسلمين أن يحجّوا إلى البيت ويقدّموا القرابين من المواشي التي رزقهم الله ، وأن يذكروا اسم الله عليها حين الذبح في أيّام معينة تبدأ من العاشر من ذي الحجة وتنتهي بالثالث عشر منه.
وهذا الذكر إشارة إلى توجّه الحاج إلى الله كل التوجه عند تقديم الاضحية ، وهمّه كسب رضى الله وقبوله القربان ، كما أنّ الاستفادة من لحم الاضحية تقع ضمن هذا التوجه.
ويعتبر تقديم الأضاحي رمزاً لإعلان الحاج إستعداده للتضحية بنفسه في سبيل الله ، على نحو ما ذكر من قصة إبراهيم عليهالسلام ومحاولة التضحية بإبنه إسماعيل عليهالسلام. إنّ الحجاج بعملهم هذا يعلنون إستعدادهم للإيثار والتضحية في سبيل الله حتى بأنفسهم.
وعلى كل حال فإنّ القرآن بهذا الكلام ينفي اسلوب المشركين الذين كانوا يذكرون أسماء الأصنام التي يعبدونها على أضاحيهم ، ليحيلوا هذه المراسم التوحيدية إلى شرك بالله ، وجاء في ختام الآية : (فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ).
(ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ (٢٩) ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ عِندَ رَبِّهِ وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعَامُ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ) (٣٠)
تتابع هذه الآيات البحث السابق عن مناسك الحج مشيرةً إلى جانب آخر من هذه المناسك ، فتقول أوّلاً : (ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ). أي ليطهّروا أجسامهم من