السامي بأهوائه النفسية المعاندة وتزداد سرعة سقوطه لحظة بعد اخرى نحو العدم ، ويصبح نسياً منسياً.
وأوجزت الآية التالية مسائل الحج وتعظيم شعائر الله ثانية فتقول (ذلِكَ) أي إنّ الموضوع كما قلناه ، وتضيف : (وَمَن يُعَظّمْ شَعَائِرَ اللهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ).
«الشعائر» : جمع «شعيرة» بمعنى العلامة والدليل ، وعلى هذا فالشعائر تعني علامات الله وأدلّته ، وهي تضمّ عناوين لأحكامه وتعاليمه العامة ، وأوّل ما يلفت النظر في هذه المراسم مناسك الحج التي تذكّرنا بالله سبحانه وتعالى.
ويمكن القول : إنّ شعائر الله تشمل جميع الأعمال الدينية التي تذكّر الإنسان بالله سبحانه وتعالى وعظمته ، وإنّ إقامة هذه الأعمال دليل على تقوى القلوب.
ويستدلّ من بعض الأحاديث أنّ مجموعة من المسلمين كانوا يعتقدون بعدم جواز الركوب على الاضحية (الناقة أو ما شابهها) حين جلبها من موطنهم إلى منى للذبح ، كما يرون عدم جواز حلبها أو الإستفادة منها بأيّ شكل كان ، ولكن القرآن نفى هذه العقيدة الخرافية حيث قال : (لَكُمْ فِيهَا مَنفِعُ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى).
وتذكر الآية في ختامها نهاية مسار الاضحية : (ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ).
وعلى هذا يمكن الاستفادة من الانعام المخصّصة للُاضحية ما دامت في الطريق إلى موضع الذبح ، وبعد الوصول يجرى ما يلزم.
(وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكاً لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَإِلهُكُمْ إِلهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ (٣٤) الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَالصَّابِرِينَ عَلَى مَا أَصَابَهُمْ وَالْمُقِيمِي الصَّلَاةِ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ) (٣٥)
بشّر المخبتين : يمكن أن يتساءل الناس عن الآيات السابقة. ومنها التعليمات الواردة بخصوص الاضحية ، كيف شرّع الإسلام تقديم القرابين لكسب رضى الله؟ وهل الله سبحانه بحاجة إلى قربان؟ وهل كان ذلك متّبعاً في الأديان الاخرى ، أو يخصّ المشركين وحدهم؟ تقول أوّل آية ـ من الآيات موضع البحث ـ لإيضاح هذا الموضوع أنّ هذا الأمر لا يختص بكم ، بل إنّ كل امّة لها قرابين : (وَلِكُلّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكًا لّيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَى مَا رَزَقَهُم مّن بَهِيمَةِ الْأَنْعمِ).