وصفي يعني الجبل ذي الخيرات ، أو الجبل ذي الأشجار الكثيرة ، أو الجبل الجميل (لأنّ «الطور» يعني الجبل ، و «سيناء» تعني ذات البركة والجمال والشجر).
«صبغ» : تعني في الأصل اللون ، وبما أنّ الإنسان يلوّن خبزه مع المرق ، لهذا اطلق على جميع أنواع المرق اسم الصبغ.
بعد بيان جانب من أنعم الله في عالم النبات التي تنمو على المطر ، يلي ذلك بحث جانب مهم من أنعم الله وهباته في عالم الحيوان : (وَإِنَّ لَكُمْ فِى الْأَنْعمِ لَعِبَرةً).
ثم تشرح الآية «العبرة» فتقول : (نُّسْقِيكُم مِّمَّا فِى بُطُونِهَا). أجل إنّ الحيوان يدرّ حليباً لذيذاً يعتبر غذاءً كاملاً ، ويمنح الجسم حرارة كبيرة ، ويخرج الحليب من بين الدم على شكل دفعات كما ينزف الدم ، لتعلموا قدرة الله حيث يتمكّن من خلق غذاء طاهر لذيذ من بين أشياء تبدو ملوّثة.
ثم تضيف الآية : (وَلَكُمْ فِيهَا مَنفِعُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ).
كما يستفاد من الحيوانات في الركوب في البرّ ، والسفن في البحر (وَعَلَيْهَا وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ).
كل هذه الخصائص والفوائد في الحيوان تعتبر ـ حقّاً ـ عبرة لنا ، تعرّف الإنسان على ما خلق الله من أنعم ، كما تثير فيه الشعور بالشكر والثناء على الله.
(وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ (٢٣) فَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ مَا هذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُرِيدُ أَنْ يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ وَلَوْ شَاءَ اللهُ لَأَنْزَلَ مَلَائِكَةً مَا سَمِعْنَا بِهذَا فِي آبَائِنَا الْأَوَّلِينَ (٢٤) إِنْ هُوَ إِلَّا رَجُلٌ بِهِ جِنَّةٌ فَتَرَبَّصُوا بِهِ حَتَّى حِينٍ) (٢٥)
منطق الجبناء المغرورين : تحدثت الآيات السابقة عن التوحيد ومعرفة الله وأسباب عظمته في عالم الخليقة ، أمّا الآيات ـ موضع البحث والآيات المقبلة ـ فقد تناولت نفس الموضوع على لسان كبار الأنبياء ومن خلال تاريخ حياتهم ، حيث بدأت بأوّل أنبياء اولي العزم والمنادي بالتوحيد نوح عليهالسلام : (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يقَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ مَا لَكُم مّنْ إِلهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ). أي : مع هذا البيان الواضح كيف لا تجتنبون عبادة الأوثان؟