سبب النّزول
في تفسير القرطبي : هذه الآية نزلت جواباً للمشركين حيث قالوا : مال هذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الأسواق؟
وقال ابن عباس : لما عير المشركون رسول الله صلىاللهعليهوآله بالفاقة وقالوا : مال هذا الرسول يأكل الطعام الآية ، حزن النبي صلىاللهعليهوآله لذلك فنزلت تعزية له فقال جبرئيل عليهالسلام : السلام عليك يا رسول الله! الله ربّك يقرئك السلام ويقول لك : (وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِى الْأَسْوَاقِ). أي يبتغون المعايش في الدنيا.
التّفسير
في عدّة آيات سابقة وردت واحدة من ذرائع المشركين وأجيب عليها بجواب إجمالي أمّا الآية مورد البحث فتعود إلى نفس الموضوع لتعطي جواباً أكثر تفصيلاً. فيقول تعالى : (وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِى الْأَسْوَاقِ). فقد كانوا من البشر ويعاشرون الناس ، وفي ذات الوقت : (وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً) وامتحاناً.
وهذا الإمتحان ، قد يكون بسبب أنّ اختيار الأنبياء من جنس البشر ومن أوساط الجماهير المحرومة هو امتحان عظيم بذاته ، لأنّ البعض يأبون أن ينقادوا لمن هو من جنسهم ، خاصة إذا كان في مستوىً واطىء من حيث الإمكانات المادية.
وعلى أثر هذا القول ، جعل الجميع موضع الخطاب فقال تعالى : (أَتَصْبِرُونَ). ذلك لأنّ أهم ركن للنجاح في جميع هذه الامتحانات هو الصبر والاستقامة والشجاعة ...
ويقول تعالى في ختام الآية بصيغة التحذير : (وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرًا). فينبغي ألا يتصور أحد أن شيئاً من تصرفاته حيال الاختبارات الإلهية يظل خافياً ومستوراً عن عين الله وعلمه الذي لا يخفى عليه شيء ، إنّه يراها بدقة ويعلمها جميعاً.
(وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءنَا لَوْلَا أُنزِلَ عَلَيْنَا الْمَلَائِكَةُ أَوْ نَرَى رَبَّنَا لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنفُسِهِمْ وَعَتَوْ عُتُوًّا كَبِيرًا (٢١) يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلَائِكَةَ لَا بُشْرَى يَوْمَئِذٍ لِّلْمُجْرِمِينَ وَيَقُولُونَ حِجْرًا مَّحْجُورًا (٢٢) وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاء مَّنثُورًا (٢٣) أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُّسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلًا) (٢٤)