حتى اولئك الذين كان لهم في هذا العالم نوع من الملك المجازي والمحدود والفاني والسريع الزوال ، يخرجون أيضاً من دائرة الملك ، فتكون الحاكمية من كل النواحي وجميع الجهات لذاته المقدسة خاصة ، وبهذا : (وَكَانَ يَوْمًا عَلَى الْكفِرِينَ عَسِيرًا).
في الوقت الذي يكون على المؤمنين سهلاً يسيراً وهيناً جدّاً.
(وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً (٢٧) يَا وَيْلَتَا لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَاناً خَلِيلاً (٢٨) لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولاً) (٢٩)
سبب النّزول
في تفسير مجمع البيان : قال ابن عباس : نزل قوله تعالى (وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ) في عقبة بن أبي معيط ، وابي بن خلف ، وكانا متخالّين ، وذلك أنّ عقبة كان لا يقدم من سفر إلّاصنع طعاماً فدعا إليه أشراف قومه ، وكان يكثر مجالسة الرسول فقدم من سفره ذات يوم فصنع طعاماً ودعا الناس ، فدعا رسول الله صلىاللهعليهوآله إلى طعامه ، فلمّا قربوا الطعام قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : «ما أنا بآكل من طعامك حتى تشهد أن لا إله إلّاالله وأنّي رسول الله». فقال عقبة : أشهد أن لا إله إلّاالله وأشهد أنّ محمّداً رسول الله. وبلغ ذلك ابي بن خلف فقال : صبأت يا عقبة؟ قال : لا والله ما صبأت ، ولكن دخل علي رجل فأبى أن يطعم من طعامي إلّاأن أشهد له فاستحييت أن يخرج من بيتي ولم يطعم ، فشهدت له فطعم. فقال ابي : ما كنت براض عنك أبداً حتى تأتيه فتبزق في وجهه! ففعل ذلك عقبة وارتدّ ، وأخذ رحم دابّة فألقاها بين كتفيه. فقال النبي صلىاللهعليهوآله : «لا ألقاك خارجاً من مكة إلّاعلوت رأسك بالسيف». فضرب عنقه يوم بدر صبراً.
وأمّا ابي بن خلف فقتله النبي صلىاللهعليهوآله يوم احد بيده في المبارزة.
نزلت الآيات أعلاه لترسم صورة مصير الرجل الذي يُبتلى بخليل ضال ، ويجره إلى الضلال.
التّفسير
يوم القيامة له مشاهد عجيبة ، حيث ورد بعض منها في الآيات السابقة ، وفي هذه الآيات اشارة إلى قسم آخر منها ، وهي مسألة حسرة الظالمين البالغة على ماضيهم ، يقول