يبعدهم عن كل أنواع الشرك والثنوية والتعددية في العبادة ، فيقول تعالى : (وَالَّذِينَ لَايَدْعُونَ مَعَ اللهِ إِلهًاءَاخَرَ).
الصفة السابعة : طهارتهم من التلوث بدم الأبرياء : (وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِى حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالْحَقّ).
ويستفاد جيداً من الآية أعلاه أنّ جميع الأنفس الإنسانية محترمة في الأصل ، ومحرم إراقة دمائها إلّاإذا تحققت أسباب ترفع هذا الإحترام الذاتي فتبيح إراقة الدم.
صفتهم الثامنة : هي أنّ عفافهم لا يتلوث أبداً : (وَلَا يَزْنُونَ).
إنّهم على مفترق طريقين : الكفر والإيمان ، فينتخبون الإيمان ، وعلى مفترق طريقين : الأمان واللاأمان في الأرواح ، فهم يتخيرون الأمان ، وعلى مفترق طريقين : الطهر والتلوث ، فهم يتخيرون النقاء والطهر. إنّهم يهيئون المحيط الخالي من كل أنواع الشرك والتعدي والفساد والتلوث ، بجدهم واجتهادهم.
وفي ختام هذه الآية يضيف تعالى من أجل التأكيد أكثر : (وَمَن يَفْعَلْ ذلِكَ يَلْقَ أَثَامًا).
«الإثم» و «آثام» : في الأصل بمعنى الأعمال التي تمنع من وصول الإنسان إلى المثوبة ، ثم أطلقت على كل ذنب ، لكنها هنا بمعنى جزاء الذنب.
تتكيء الآية التالية أيضاً على ما سبق ، من أنّ لهذه الذنوب الثلاثة أهمية قصوى ، فيقول تعالى : (يُضعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيمَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا).
والمقصود من مضاعفة العذاب أنّ كل ذنب من هذه الذنوب الثلاثة المذكورة في هذه الآية سيكون له عقاب منفصل ، فتكون العقوبات بمجموعها عذاباً مضاعفاً.
فضلاً عن أنّ ذنباً ما يكون أحياناً مصدر الذنوب الاخرى ، مثل الكفر الذي يسبب ترك الواجبات وارتكاب المحرمات ، وهذا نفسه موجب لمضاعفة العذاب الإلهي.
لكن القرآن المجيد كما مرّ سابقاً ، لم يغلق طريق العودة أمام المجرمين في أي وقت من الأوقات ، بل يدعو المذنبين إلى التوبة ويرغبهم فيها ، ففي الآية التالية يقول تعالى هكذا : (إِلَّا مَن تَابَ وَءَامَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحًا فَأُولئِكَ يُبَدّلُ اللهُ سَيَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللهُ غَفُورًا رَّحِيمًا).
تبديل السيئات حسنات : هنا عدّة تفاسير ، يمكن القبول بها جميعاً :
١ ـ حينما يتوب الإنسان ويؤمن بالله ، تتبدل سيئات أعماله في المستقبل حسنات ، فإذا كان قاتلاً للنفس المحترمة في الماضى ، فإنّه يتبنى مكانها في المستقبل الدفاع عن المظلومين