«الجبلة» : مأخوذة من «الجبل» وهو معروف «ما ارتفع من الأرض كثيراً» ويسمى الطود أحياناً ، فالجبلة تطلق على الجماعة الكثيرة التي هي كالجبل في العظمة.
قال بعضهم : الجبلة مقدار عددها عشرة آلاف. كما تطلق الجبلة على الطبيعة والفطرة الإنسانية ، لأنّها لا تتغير ، كما أنّ الجبل لا يتغير عادةً.
والتعبير المتقدم لعله إشارة إلى أنّ شعيباً يقول : إنّما أدعوكم إلى ترك الظلم والفساد ، وأداء حقوق الناس ورعاية العدل ، لأنّ ذلك موجود في داخل الفطرة الإنسانية منذ الخلق الأوّل ، وأنا جئتكم لإحياء هذه الفطرة.
(قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ (١٨٥) وَمَا أَنْتَ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا وَإِنْ نَظُنُّكَ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ (١٨٦) فَأَسْقِطْ عَلَيْنَا كِسَفاً مِنَ السَّمَاءِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (١٨٧) قَالَ رَبِّي أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ (١٨٨) فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ إِنَّهُ كَانَ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (١٨٩) إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (١٩٠) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ) (١٩١)
عاقبة الحمقى : لما رأى قوم شعيب الظالمون ـ أنّهم لا يملكون دليلاً ليواجهوا به منطقه المتين ، ومن أجل أن يسيروا على نهجهم ويواصلوا طريقهم ، رشقوه بسيل من التُهم والأكاذيب. فالتهمة الاولى هي ما يلصقها الجبابرة دائماً والمجرمون بالأنبياء ، وهي السحر فاتّهموه بها و (قَالُوا إِنَّمَا أَنتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ) (١).
ثم ما الفارق بينك وبيننا لنتّبعك؟! ولا مزيّة لك علينا ، (وَمَا أَنتَ إِلَّا بَشَرٌ مّثْلُنَا وَإِن نَّظُنُّكَ لَمِنَ الْكذِبِينَ).
وبعد إلقاء هذا الكلام المتناقض ، إذ تارةً يدعونه (من الكاذبين) ورجلاً انتهازياً ، وتارةً يدعونه مجنوناً أو من المسحّرين ، وكان كلامهم الأخير هو : إن كنت نبيّاً (فَأَسْقِطْ عَلَيْنَا كِسَفًا مِّنَ السَّمَاءِ إِن كُنتَ مِنَ الصدِقِينَ). حيث كنت تهددنا دائماً بهذا اللون من العذاب.
«كِسَف» : جمع «كِسْفَة» على وزن (قطعة) ، ومعناها قطعة أيضاً ، والمراد من هذه «القطع من السماء» هي قطع الأحجار التي تهوي من السماء.
__________________
(١) «المسحّر» : هو المسحور ... أو الذي يقع عليه السحر من قبل السَحَرة لينفذوا في عقله ويبطلوا عمله.