والأرض وما فيهما من أسرار؟!
وأخيراً يختتم الهدهد كلامه هكذا : (اللهُ لَاإِلهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ).
وهكذا يختتم الهدهد كلامه مستنداً إلى «توحيد العبادة» و «توحيد الربوبية» لله تعالى ، مؤكداً نفي كل أنواع الشرك عنه سبحانه.
(قَالَ سَنَنْظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (٢٧) اذْهَبْ بِكِتَابِي هذَا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانْظُرْ مَا ذَا يَرْجِعُونَ (٢٨) قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ (٢٩) إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (٣٠) أَنْ تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ (٣١) قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنْتُ قَاطِعَةً أَمْراً حَتَّى تَشْهَدُونِ (٣٢) قَالُوا نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانْظُرِي مَا ذَا تَأْمُرِينَ (٣٣) قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذلِكَ يَفْعَلُونَ (٣٤) وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ) (٣٥)
الملوك مفسدون مخرّبون : لقد أصغى سليمان عليهالسلام إلى كلام الهدهد بكل اهتمام .. وفكّر مليّاً ، فينبغي أن لا يكتفي بمخبر واحد ، بل ينبغي التحقيق أكثر في هذا المجال : (قَالَ سَنَنظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْكذِبِينَ).
سليمان عليهالسلام لم يتّهم الهدهد فيحكم عليه بالكذب .. ولم يصدّق كلامه دون أي دليل ... بل جعله أساساً للتحقيق.
وعلى كل حال ، فقد كتب كتاباً وجيزاً ذا مغزى عميق ، وسلّمه إلى الهدهد وقال له : (اذْهَب بّكِتبِى هذَا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ).
يستفاد من التعبير (أَلْقِهْ إِلَيْهِمْ) أن يلقي الكتاب عندما تكون ملكة سبأ حاضرة بين قومها ، لئلا تعبث به يد النسيان أو الكتمان.
ففتحت ملكة سبأ كتاب سليمان ، واطّلعت على مضمونه ، وحيث إنّها كانت من قبل قد سمعت بأخبار سليمان واسمه ، ومحتوى الكتاب يدل على إقدامه وعزمه الشديد في شأن بلدة «سبأ» ، لذلك فكّرت مليّاً ، ولما كانت في مثل هذه المسائل المهمة تستشير من حولها ، لذلك