صالح في ثمود : عد ذكر جانب من قصص موسى وداود وسليمان عليهمالسلام فإنّ هذه الآيات تتحدث عن قصة رابع نبي ـ وتبيّن جانباً من حياته مع قومه ـ في هذه السورة ، وهي ما جاء عن صالح عليهالسلام وقومه «ثمود» ، إذ يقول القرآن : (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صلِحًا أَنِ اعْبُدُوا اللهَ).
وكما قيل من قبل : إنّ التعبير ب «أخاهم» الوارد في قصص كثير من الأنبياء ، هو إشارة إلى منتهى المحبة والإشفاق من قبل الأنبياء لُاممهم ، كما أنّ في بعض المواطن إشارة إلى علاقة القربى «الروابط العائلية للأنبياء بأقوامهم».
إنّ جميع دعوة هذا النبي العظيم تلخصت في جملة (أَنِ اعْبُدُوا اللهَ). أجل ، إنّ عبادة الله هي عصارة كل تعليمات رسل الله تعالى.
ثم يضيف قائلاً : (فَإِذَا هُمْ فَرِيقَانِ يَخْتَصِمُونَ).
فأخذ صالح عليهالسلام ينذرهم ويحذرهم من عذاب الله الأليم ... إلّاأنّ اولئك لم يستجيبوا له وتمسكوا بعنادهم وطلبوا منه باصرار أن إذا كنت نبيّاً فليحل بنا عذاب الله «وقد صرحت الآية (٧٧) من سورة الأعراف بأنّهم سألوا نبيّهم نزول العذاب» : (وَقَالُوا يَا صلِحُ ائْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ).
إلّا أنّ صالحاً أجابهم محذراً و (قَالَ يَا قَوْمِ لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ).
إنّ عذاب الله إذا حلّ بساحتكم ختم حياتكم ولا يبقى مجال للإيمان.
تعالوا واختبروا صدق دعوتي في البعد الإيجابي والأمل في رحمة الله في ظل الإيمان به (لَوْلَا تَسْتَغْفِرُونَ اللهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ).
وهذا أمر عجيب حقّاً أن يريد الإنسان اختبار صدق دعوة نبيّه عن طريق العقاب المهلك ، لا عن طريق طلب الرحمة.
إنّ هؤلاء القوم المعاندين بدلاً من أن يصغوا لنصيحة نبيّهم ويستجيبوا له ، واجهوه باستنتاجات واهية وكلمات باطلة ... منها أنّهم (قَالُوا اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَن مَّعَكَ). ولعل تلك السنة كانت سنة قحط وجدب ، فقالوا : إنّ هذا البلاء والمشاكل والعقبات كلها بسبب قدوم هذا النبي وأصحابه.
لكنه ردّ عليهم و (قَالَ طئِرُكُمْ عِندَ اللهِ) فهو الذي يبتليكم بسبب أعمالكم بهذه المصائب التي أدّت إلى هذه العقوبات.
في الحقيقة إنّ ذلك اختبار وامتحان إلهي كبير لكم ، أجل : (بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ).