تجهلون بالله ، وتجهلون هدف الخلق ونواميسه ، وتجهلون آثار هذا الذنب وعواقبه الوخيمة.
(فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ (٥٦) فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَاهَا مِنَ الْغَابِرِينَ (٥٧) وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَراً فَسَاءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ (٥٨) قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى آللهُ خَيْرٌ أَمْ يُشْرِكُونَ) (٥٩)
عندما تعدّ الطهارة عيباً كبيراً : والآن ، لنستمع إلى جواب هؤلاء المنحرفين بماذا أجابوا منطق «لوط». يقول القرآن : (فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَن قَالُوا أَخْرِجُواءَالَ لُوطٍ مّن قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ). فجوابهم كاشف عن انحطاطهم الفكري والسقوط الأخلاقي البعيد.
جاء في الروايات أنّ لوطاً كان يبلغ قومه حوالي ثلاثين عاماً وينصحهم ، إلّاأنّه لم يؤمن به إلّاأسرته وأهله باستثناء زوجته فإنّها كانت من المشركين وعلى عقيدتهم.
بديهي أنّ مثل هؤلاء القوم لا أمل في إصلاحهم في عالم الدنيا ، فينبغي أن يطوى «طومار» حياتهم ، لذلك تقول الآية التالية في هذا الشأن : (فَأَنجَيْنهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنهَا مِنَ الْغبِرِينَ) (١).
وبعد أن خرج آل لوط في الموعد المعين «سحر ليلة كانت المدينة غارقة فيها بالفساد» فلما أصبح الصباح نزلت عليهم الحجارة من السماء ، وتزلزت الأرض بهم ، فدفنوا جميعاً تحت الحجارة والأنقاض ، وإلى هذا تشير الآية التالية : (وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِم مَّطَرًا فَسَاءَ مَطَرُ الْمُنذَرِينَ).
وفي آخر آية من الآيات محل البحث ، وبعد بيان ما جرى على لوط وقومه المنحرفين ، يتوجه الخطاب إلى النبي الكريم «محمّد صلىاللهعليهوآله» ليستنتج ممّا سبق ، فيقول له : (قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ).
الحمد والثناء الخاص لله ، لأنّه أهلك امماً مفسدين كقوم لوط ، لئلا تتلوث الأرض من وجودهم.
ثم يضيف قائلاً : (وَسَلمٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى).
سلام على موسى وصالح ولوط وسليمان وداود ، وسلام على جميع الأنبياء والمرسلين
__________________
(١) «الغابرين» : جمع الغابر ومعناه هنا الباقي من الذاهبين من المكان.