إسرائيل يؤتى لهم من طعامهم حتى جعلوا منه تماثيل بمدن كانت في بلادهم يستنجون بها فلم يزل الله بهم حتى اضطرّوا إلى التماثيل يبيعونها ويأكلون منها وهو قول الله : ضرب الله مثلاً».
وثمّة احتمال آخر وهو أنّ الآية تشير إلى قوم «سبأ» الذين عاشوا في اليمن ، وقد ذكر القرآن الكريم قصّتهم في الآيات (١٥ ـ ١٩) من سورة سبأ ، وكيف أنّهم كانوا يعيشون على أرض ملؤها الثمار والخيرات في أمن وسلام ، حتى أصابهم الغرور والطغيان والإستكبار وكفران النعم الإلهية ، فأهلكهم الله وشتّت جمعهم وجعلهم عبرة للآخرين.
فالتعبير إشارة إلى أنّ القحط والخوف كانا من الشدة وكأنّهما لباس قد أحاط بأبدانهم من كل الجهات ، وأبدانهم في تماس معه.
وعرض الحادثة ما هو إلّاتنبيه للناس ولكل الأمم الغارقة بالنعم الإلهية ، على أنّ الإسراف والتبذير وتضييع النعم لا ينجو من عقوبة وغرامة ثقيلة الوقع.
وهو تنبيه أيضاً للذين يرمون نصف غذائهم (الزائد عن الحاجة) في أكياس الأوساخ دائماً.
وهو تنبيه للذين يجمعون المواد الغذائية في بيوتهم لاستعمالهم الخاص ، ويملؤون مخازنهم إنتظاراً لارتفاع سعرها في الأسواق حتى يفسد ويذهب هباءً من غير أن يستفيدوا من بيعها بسعر مناسب قبل فسادها.
نعم ، فلا يخلو أي عمل مما ذكر من عقوبة إلهية ، وأقل ما يعاقبون به هو سلب تلك النعم عنهم.
(إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١١٥) وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هذَا حَلَالٌ وَهذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ (١١٦) مَتَاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (١١٧) وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا مَا قَصَصْنَا عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (١١٨) ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ عَمِلُوا السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَأَصْلَحُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ) (١١٩)