الْحَيَوةِ الدُّنْيَا). ولكن هذه المودة والمحبة تتلاشى في الآخرة ، (ثُمَّ يَوْمَ الْقِيمَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُم بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُم بَعْضًا وَمَأْوَيكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن نصِرِينَ).
إنّ عبادة الصنم أو الوثن كانت رمزاً للوحدة لكل قوم ولكل قبيلة ، كما تربط بينهم وبين اسلافهم. ثم بعد هذا كلّه فإنّ سراة الكفار كانوا يدعون أتباعهم إلى عبادة الأوثان ، وكان هذا الأمر بمثابة «حلقة الاتصال» بين السراة والأتباع.
ولكن هذه العلائق والوشائج والإرتباطات الخاوية تتقطع جميعها يوم القيامة.
وفي الآية التي بعد تلك الآية إشارة إلى إيمان لوط وهجرة إبراهيم ، إذ تقول : (فَامَنَ لَهُ لُوطٌ).
«لوط» نفسه من الأنبياء العظام ، وكانت له مع إبراهيم علاقة قربى «يقال إنّه كان ابن أخت ابراهيم عليهالسلام» وحيث إنّ اتّباع شخص عظيم ـ لإبراهيم ـ بمنزلة أفراد امة كاملة فقد تحدث سبحانه ـ خاصةً ـ عن إيمان «لوط» وشخصيته الكبرى المعاصرة لإبراهيم عليهالسلام ، ليتّضح أنّه إذ لم يؤمن الآخرون ، فإنّ ذلك ليس مهماً.
ثم تضيف الآية عن هجرة إبراهيم عليهالسلام ، فتقول : (وَقَالَ إِنّى مُهَاجِرٌ إِلَى رَبّى إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).
فلذلك تحرك ابراهيم عليهالسلام وزوجه سارة ـ بمعيّة لوط ـ من بابل إلى أرض الشام مهد الأنبياء والتوحيد ، ليستطيع أن يكتسب جماعة هناك ويوسع دعوة التوحيد.
وفي آخر آية من هذا المقطع يقع الكلام على المواهب الأربع التي منحها الله لإبراهيم عليهالسلام بعد الهجرة العظيمة :
الموهبة الاولى : الأبناء الصالحون ، من أمثال إسحاق ويعقوب ، ليسرجوا مصباح الإيمان والنبوة في بيته وأسرته ويحافظوا عليه ، إذ يقول القرآن : (وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحقَ وَيَعْقُوبَ). وهما نبيّان كبيران واصل كل منهما السير على منهاج إبراهيم محطم الأصنام.
الموهبة الثانية : (وَجَعَلْنَا فِى ذُرّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتبَ).
الموهبة الثالثة : (وَءَاتَيْنهُ أَجْرَهُ فِى الدُّنْيَا). فما هو هذا الأجر الذي لم يوجهه القرآن؟ لعلّه إشارة إلى امور مختلفة مثل الاسم الحسن ، ولسان الصدق والثناء بين جميع الامم ، لأنّ الامم كلها تحترم إبراهيم عليهالسلام على أنّه نبي عظيم الشأن ، ويفتخرون بوجوده ويسمونه «شيخ