الأنبياء».
الموهبة الرابعة ، هي : (وَإِنَّهُ فِى الْأَخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ). وهكذا تشكّل هذه المواهب مجموعة كاملة من المفاخر.
(وَلُوطاً إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ (٢٨) أَإِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنْكَرَ فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا ائْتِنَا بِعَذَابِ اللهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (٢٩) قَالَ رَبِّ انْصُرْنِي عَلَى الْقَوْمِ الْمُفْسِدِينَ) (٣٠)
المنحرفون جنسياً : بعد بيان جانب مما جرى لإبراهيم عليهالسلام يتحدث القرآن عن قسم من قصة حياة النبي المعاصر لإبراهيم «لوط عليهالسلام» فيقول : (وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ). «الفاحشة» : مشتقة من مادة «فَحَشَ» وهي في الأصل تعني كل فعل أو كلام سيء للغاية ، والمراد بها هنا الانحراف الجنسي. (اللواط).
لوط عليهالسلام هذا النبي العظيم ، كشف أخيراً ما في نفسه وقال لقومه : (أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرّجَالَ). أفتريدون أن تقطعوا النسل (وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ).
ولا ترعوون عن الأعمال المخزية في مجالسكم العامة (وَتَأْتُونَ فِى نَادِيكُمُ الْمُنكَرَ).
«النادي» : مشتق من «النداء» وهو يعني المجلس العام ، كما يأتي أحياناً بمعنى مكان التنزّه ، لأنّ الأفراد هناك ينادي بعضهم بعضاً وترتفع أصواتهم.
ورد في التواريخ : إنّهم كانوا يتسابون بكلمات الفحش والإبتذال ، أو يضرب أحدهم الأخر على ظهره ، أو يلعبون القمار ، ويستعملون أنواع الآلات الموسيقية ، ويكشفون عوراتهم في مجتمعهم ويغدون عراة ... الخ (١).
والآن فلنلاحظ ماذا كان جواب هؤلاء القوم الضالين المنحرفين ، على كلمات النبي لوط عليهالسلام المنطقية. يقول القرآن : (فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَن قَالُوا ائْتِنَا بِعَذَابِ اللهِ إِن كُنتَ مِنَ الصدِقِينَ).
وهنا لم يكن للوط عليهالسلام بدّ إلّاأن يلتفت إلى الله بقلب حزين مهموم ... و (قَالَ رَبّ انصُرْنِى
__________________
(١) تفسير مجمع البيان ، ذيل الآية مورد البحث.