كُنتُمْ تَعْمَلُونَ).
يمكن أن تكون هذه الآية توضيحاً لإحاطة عذاب جهنم في يوم القيامة بالكفار ، ويمكن أن تكون بياناً مستقلاً لذلك العذاب الأليم لهم الذي يحيط بهم اليوم على أثر أعمالهم ، وفي غدٍ يتجلى هذا العذاب بوضوح ويكون محسوساً ظاهراً.
أمّا جملة (ذُوقُوا مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ) التي يظهر أنّ قائلها هو الله تعالى ، فهي بالإضافة إلى أنّها نوع من العقوبة النفسية لمثل هؤلاء الأشخاص ، فهي كاشفة عن هذه الحقيقة ، وهي أنّ عذاب الله ليس إلّاانعكاساً للأعمال التي يقوم بها الإنسان نفسه في النشأة الآخرة.
(يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ (٥٦) كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ (٥٧) وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ غُرَفاً تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ (٥٨) الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (٥٩) وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لَا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) (٦٠)
سبب النّزول
في تفسير مجمع البيان : قيل : نزلت الآية الاولى في المستضعفين من المؤمنين بمكة امروا بالهجرة عنها.
ونزل قوله (وَكَأَيّن مِّن دَابَّةٍ لَاتَحْمِلُ رِزْقَهَا) في جماعة كانوا بمكة يؤذيهم المشركون فأمروا بالهجرة إلى المدينة فقالوا : كيف نخرج إليها وليس لنا بها دار ، ولا غفار ومن يطعمنا ومن يسقينا؟
التّفسير
لابدّ من الهجرة : حيث إنّ الآيات السابقة كانت تتحدث عن مواقف المشركين المختلفة من الإسلام والمسلمين ، ففي الآيات محل البحث يقع الكلام عن حال المسلمين ومسؤولياتهم قبال المشاكل المختلفة ، أي مشاكل أذى الكفار وضغوطهم وقلّة عدد المسلمين وما إلى ذلك ، فتقول الآية الاولى : (يَا عِبَادِىَ الَّذِينَءَامَنُوا إِنَّ أَرْضِى وَاسِعَةٌ فَإِيىَ فَاعْبُدُونِ).
لأنّ الهدف من خلق الإنسان أن يكون عبداً لله ، فمتى ما أصبح هذا الهدف الأساسي