الحركة في الأرض ، وهذا ميدان المعاد الذي نراه في هذه الدنيا.
وأمّا مسألة إخراج الميت من الحي فهي ليست شيئاً خافياً ولا مستتراً.
وأمّا ما يتعلق بـ «إخراج الحي من الميت» فبالرغم من أنّه من المسلّم به ـ في العصر الحاضر على الأقل ـ أنّه لم يُر في المختبرات والمشاهدات اليومية أنّ موجوداً حيّاً يتولد من موجود ميّت ، غير أنّ الثابت علمياً والمسلّم به أنّه كانت الأرض في البداية قطعة ملتهبة من النّار ، ولم يوجد عليها أي موجود حي ، ثم وفقاً لظروف خاصة لم يكتشفها العلم ـ حتى الآن ـ بصورة دقيقة ، تولدت الموجودات الحيّة من مواد لا روح فيها بقفزة كبيرة.
لكن الذي نلمسه وندركه ، هو أنّ الموجودات الميتة دائماً تكون جزءاً من الموجودات الحيّة وتكسى ثوب الحياة ، فالماء والطعام اللذان نتناولهما ليسا من الموجودات الحية ، لكنّهما حين يكونان في البدن ويصيران جزءاً منه يتحولان إلى موجود حي وتضاف كريات جديدة وخلايا جديدة إلى كريات البدن وخلاياه.
فعلى هذا يمكن القول بأنّ في نظام الطبيعة دائماً يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ، وبهذا الدليل فإنّ الله الذي خلق الطبيعة قادر على إحياء الموتى في العالم الآخر.
(وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ (٢٠) وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (٢١) وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ) (٢٢)
آيات الله في الآفاق وفي الأنفس : تحدثت هذه الآيات ـ وبعض الآيات الأخر التي تليها ـ عن طرائف ولطائف من دلائل التوحيد ، وآيات الله وآثاره في نظام عالم الوجود ، وهي تكمل البحوث السابقة.
ويتحدث القرآن هنا أوّلاً عن خلقة الإنسان التي تعد أوّل موهبة إلهيّة له ، وأهمهما أيضاً ، فيقول : (وَمِنءَايتِهِ أَن خَلَقَكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنتُم بَشَرٌ تَنتَشِرُونَ).
في هذه الآية إشارة دليلين من أدلة عظمة الله.
الأوّل : خلق الإنسان من التراب ، وربّما كان إشارة إلى الخلق الأوّل للإنسان ، أي آدم عليهالسلام ، أو خلق جميع الناس من التراب ، لأنّ المواد الغذائية التي تشكل وجود الإنسان ، جميعها من التراب بشكل مباشرة أو غير مباشر.