الثاني : كثرة النسل «الآدمي» وانتشار أبناء «آدم» على سطح المعمورة.
والآية الثانية من الآيات محل البحث تتحدث أيضاً عن قسم آخر من الآيات في الأنفس ، التي تمثل مرحلة ما بعد خلق الإنسان ، فتقول : (وَمِنءَايتِهِ أَن خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا). أي من جنسكم والغاية هي السكينة الروحية والهدوء النفسي.
وحيث إنّ استمرار العلاقة بين الزوجين خاصة ، وبين جميع الناس عامة ، يحتاج إلى جذب قلبي وروحاني ، فإنّ الآية تعقب على ذلك مضيفة : (وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً).
ولمزيد التأكيد تختتم الآية بالقول : (إِنَّ فِى ذلِكَ لَأَيتٍ لّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ).
ومن هنا يمكن الإستنتاج بأنّ الذين يهملون هذه السنّة الإلهية وجودهم ناقص ، لأنّ مرحلة تكاملية منهم متوقفة ، (إلّا أن توجب الظروف الخاصة والضرورة في بقائهم عزّاباً).
أمّا آخر آية ـ من الآيات محل البحث ـ فهي مزيج من آيات الآفاق وآيات الأنفس ، فتبدأ بالإشارة إلى خلق السماء والأرض ، فتقول : (وَمِنءَايتِهِ خَلْقُ السَّموَاتِ وَالْأَرْضِ).
السماوات بجميع ما فيها من كرات ، وبجميع ما فيها من منظومات ومجرّات ، السماوات التي مهما حلّق فيها الفكر عجز عن إدراك عظمتها ومطالعتها ... وكلّما تقدم علم الإنسان تتجلى له نقاط جديدة من عظمتها.
ثم ينتقل القرآن إلى آية من آيات الأنفس الكبيرة فيقول : (وَاخْتِلفُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ). لذلك خلق الله الأصوات والألوان واختلاف الألسنة لتنظيم المجتمع البشري.
ويقول القرآن في نهاية الآية الآنفة الذكر : (إِنَّ فِى ذلِكَ لَأَيتٍ لّلْعَالِمِينَ).
فالعلماء يعرفون هذه الأسرار قبل كل أحد.
(وَمِنْ آيَاتِهِ مَنَامُكُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَابْتِغَاؤُكُم مِّن فَضْلِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَسْمَعُونَ (٢٣) وَمِنْ آيَاتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاء مَاء فَيُحْيِي بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (٢٤) وَمِنْ آيَاتِهِ أَن تَقُومَ السَّمَاء وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمْ دَعْوَةً مِّنَ الْأَرْضِ إِذَا أَنتُمْ تَخْرُجُونَ) (٢٥)