أحكام إسلامية مهمة : الآيات التي نحن بصدد بحثها هي بداية لسلسلة من الأحكام الإسلامية الأساسية ، والتي تبدأ بالدعوة إلى التوحيد والإيمان ؛ التوحيد الذي يعتبر الأساس والأصل لكل النشاطات الإيمانية ، والأعمال الحسنة والبنّاءة. في البداية تبدأ هذه الآيات بالتوحيد وتقول : (لَّاتَجْعَلْ مَعَ اللهِ إِلهًاءَاخَرَ).
إنّها لم تقل : لا تعبد مع الله إلهاً آخر ، بل تقول : (لَّاتَجْعَلْ) هذا اللفظ أشمل وأوسع ، إذ هو يعني : لا تجعل معبوداً آخر مع الله لا في العقيدة ، ولا في العمل ، ولا في الدعاء ، ولا في العبودية. بعد ذلك توضّح الآية النتيجة القاتلة للشرك : (فَتَقْعُدَ مَذْمُومًا مَّخْذُولاً).
إنّ استعمال كلمة «القعود» تدل على الضعف والعجز. ومن هذا التعبير يمكن أن نستفيد أنّ للشرك ثلاثة آثار سيئة جدّاً في وجود الإنسان ، هي :
١ ـ الشرك يؤدّي إلى الضعف والعجز والذلة.
٢ ـ الشرك موجب للذم واللوم ، لأنّه خط انحرافي واضح في قبال منطق العقل ، ويعتبر كفراً واضحاً بالنعم الإلهية.
٣ ـ الشرك يكون سبباً في أن يترك الله سبحانه وتعالى الإنسان إلى الأشياء التي يعبدها ، فإنّهم يصبحون «مخذولين» أي بدون ناصر ومعين.
بعد تبيان هذا الأصل التوحيدي ، تشير الآيات إلى واحدة من أهم توجيهات الأنبياء عليهمالسلام للإنسان ، فالآية ـ بعد أن تؤكّد مرّة اخرى على التوحيد ـ تقول : (وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إحْسَانًا).
كلمة قضاء لها مفهوم توكيدي أكثر من كلمة «أمر» وهي تعني القرار والأمر المحكم الذي لا نقاش فيه ، وهذا أوّل تأكيد في هذه القضية. أمّا التأكيد الثاني الذي يدل على أهمية هذا القانون الإسلامي ، فهو ربط التوحيد الذي يعتبر أهم أصل إسلامي ، مع الإحسان إلى الوالدين.
أمّا التأكيدان الثالث والرابع فهما يتمثلان في معنى الإطلاق الذي تفيده كلمة إحسان والتي تشمل كل أنواع الإحسان. وكذلك معنى الإطلاق الذي تفيده كلمة «والدين» إذ هي تشمل الأم والأب ، سواء كانا مسلمين أم كافرين.
أمّا التأكيد الخامس فهو يتمثل بمجيء كلمة «إحساناً» نكرة ، لتأكيد أهميتها وعظمتها.
ثم تنتقل إلى أحد مصاديق هذه العبادة متمثلاً بالإحسان إلى الوالدين فتقول : (إِمَّا