خامساً : تشير الآية بعد ذلك إلى الوفاء بالعهد فتقول : (وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسُولاً). إنّ الكثير من العلاقات الاجتماعية وخطوط النظام الاقتصادي والمسائل السياسية قائمة على محور العهود ، بحيث إذا ضعف هذا المحور وانهارت الثقة بين الناس ، فسينهار النظام الاجتماعي وستحل الفوضى.
(سادساً :) آخر حكم من الأحكام الستة ، يتصل بالعدل في الوزن والكيل ورعاية حقوق الناس في ذلك ومحاربة التطفيف في الميزان حيث تقول الآية الكريمة : (وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذَا كِلْتُمْ وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ ذلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً).
وعادة ، فإنّ الحق والعدل والنظام والحساب ، كل هذه الامور تعتبر أصولاً أساسية للحياة ، بل وتدخل في نظام الوجود والخلق ، لذلك فابتعاد الناس عن هذا الأصل ـ خصوصاً بالنسبة لبخس الكيل والتطفيف في الميزان ـ يؤدّي إلى إنزال ضربة شديدة بالثقة التي تعتبر جوهر استقرار التعامل الإقتصادي بين الناس.
«قسطاس» : بكسر القاف أو ضمّها على وزن «مقياس» وأحياناً تقاس على وزن «قرآن» بمعنى «الميزان» والبعض يعتبرها كلمة رومية ، بينما البعض يرى بأنّها كلمة عربية. وهناك من يقول بأنّها مركبة من كلمتين هما «قسط» بمعنى العدل و «طاس» بمعنى كفّة الميزان.
(وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولاً (٣٦) وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولاً (٣٧) كُلُّ ذلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهاً (٣٨) ذلِكَ مِمَّا أَوْحَى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ وَلَا تَجْعَلْ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ فَتُلْقَى فِي جَهَنَّمَ مَلُوماً مَدْحُوراً (٣٩) أَفَأَصْفَاكُمْ رَبُّكُمْ بِالْبَنِينَ وَاتَّخَذَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ إِنَاثاً إِنَّكُمْ لَتَقُولُونَ قَوْلاً عَظِيماً) (٤٠)
الإنقياد للعلم : في الآيات السابقة وقفنا على مجموعة من الاصول والأحكام الإسلامية وفي الآيات التي نبحثها الآن نلتقي مع آخر مجموعة من سلسلة هذه الأحكام حيث تشير الآيات أعلاه إلى عدّة أحكام مهمة :
أوّلاً : في البداية ينبغي للإنسان المسلم أن يلتزم الدقة في كل الامور ويجعل العلم رائده