الأقدام ، والنجائب (المحامل والدواب) تقاد بين يديه ، وكان عليهالسلام يبيّن أنّ هذا العمل تواضع لله تعالى.
أمّا الآية التي بعدها فهي تؤكّد على ما تمّ تحريمه في الآيات السابقة كالشرك وقتل النفس والزنا وقتل الأولاد والتصرف في مال اليتيم وإيذاء الوالدين وما شابه ذلك ، حيث تقول الآية : (كُلُّ ذلِكَ كَانَ سَيّئُهُ عِندَ رَبّكَ مَكْرُوهًا).
ومن هذا التعبير يتّضح أنّ الله سبحانه وتعالى ليس فقط لايجبر الإنسان على الذنب ، وإنّما لا يريد له (بمعنى لا يرغب ولا يَود) أن يرتكب الذنب أيضاً ، وإلّا لو كان الأمر كما يقول أصحاب مذهب الجبر ، لما أكد الله سبحانه وتعالى على كراهيه هذه الذنوب.
ثالثاً : لا تكن مشركاً : من أجل التأكيد أكثر على أنّ كل هذه التعليمات إنّما تصدر من الوحي وتتسم بالحكمة ، تقول الآية : (ذلِكَ مِمَّا أَوْحَى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ).
إنّ هذه التعاليم ثابتة عن طريق العقل كما هي ثابتة عن طريق الوحي الإلهي. وعادة ما تكون جميع الأحكام الإلهية على هذه الشاكلة ، بالرغم من أنّ الإنسان لا يستطيع في كثير من الأحيان أن يشخص انسجام جزئيات الأحكام الإلهية مع العقل بحكم عدم كماله ، ويبقى بعد ذلك الوحي هو المجال الوحيد لمصداقية دركها والإيمان بها.
بعد ذلك ينتهي الحديث عن مجموع هذه الأحكام بنفس البداية التي انطلق منها ، حيث يقول تعالى : (وَلَا تَجْعَلْ مَعَ اللهِ إِلَهًاءَاخَرَ). لماذا؟ لأنّ المصير سيكون (فَتُلْقَى فِى جَهَنَّمَ مَلُومًا مَّدْحُورًا). إنّ الشرك هو أساس جميع الإنحرافات والجرائم والذنوب ، لذلك فإنّ هذه المجموعة من الأحكام بدأت بالشرك وانتهت به.
آخر آية ـ من الآيات التي نبحثها ـ تشير إلى واحدة من الأفكار الخرافية للمشركين ، إذ الكثير منهم كان يعتقد بأنّ الملائكة هم بنات الله ، في حين أنّهم كانوا يعتبرون البنت عاراً وشناراً ، وولادتها في بيت يؤدّي إلى سوء الحظ. القرآن يُساير هذا المنطق فيقول لهم : (أَفَأَصْفَاكُمْ رَبُّكُم بِالْبَنِينَ وَاتَّخَذَ مِنَ الْمَلِكَةِ إِنثًا).
إنّ البنات ـ بدون شك ـ كالبنين ، هم عطايا الإله ومواهبه ، ولا يوجد أي تفاوت بينهم في القيمة الإنسانية. هدف القرآن هو مقابلنهم بمنطقهم فيقول لهم : كيف تنسبون لربّكم ما تحسبوه عاراً لكم؟
بعد ذلك يقول القرآن بأسلوب قاطع : (إِنَّكُمْ لَتَقُولُونَ قَوْلاً عَظِيمًا). إذ هذا الكلام لا