مماثلة لأوضاعكم وحالاتكم ، اقترحت نفس الإقتراحات ثم لم تؤمن بعد ذلك.
تشير الآية بعد ذلك إلى نموذج واضح لهذه الحالة فتقول : (وَءَاتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً). لقد طلب قوم صالح الناقة فاخرجها الله لهم من الجبل ، وأجيبت بذلك المعجزة التي طلبوها ، وقد كانت معجزة واضحة وموضّحة!
ولكن بالرغم من كل ذلك (فَظَلَمُوا بِهَا).
وعادة فإنّه ليس من مقتضيات البرنامج الإلهي أن يستجيب لأيّ معجزة يقترحها إنسان ، أو ينصاع إلى تنفيذها الرسول ، ولكن الهدف هو : (وَمَا نُرْسِلُ بِالْأَيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا).
ثم يواسي الله تبارك وتعالى نبيّه صلىاللهعليهوآله في مقابل عناد المشركين وإلحاحهم بالباطل ، إذ يبيّن له أن ليس هذا بالشيء الجديد : (وَإِذْ قُلْنَا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بِالنَّاسِ). ففي قبال دعوة الأنبياء عليهمالسلام هناك دائماً مجموعة مؤمنة نظيفة القلب نقيّة السريرة ، صافية الفطرة ، في مقابل مجموعة اخرى معاندة مكابرة لجوجة تتحجج وتجد لنفسها المعاذير في معاداة الدعوات وإيذاء الأنبياء ، وهكذا يتشابه الحال بين الأمس واليوم.
ثم يضيف تعالى : (وَمَا جَعَلْنَا الرُّءْيَا الَّتِى أَرَيْنكَ إِلَّا فِتْنَةً لّلنَّاسِ). وامتحاناً لهم ، وكذلك الشجرة الملعونة هي أيضاً امتحان وفتنة للناس : (وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِى الْقُرْءَانِ).
وفي الختام يأتي قوله تعالى : (وَنُخَوّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلَّا طُغْيَانًا كَبِيرًا). لماذا؟ لأنّه ما دام قلب الإنسان غير مستعد لقبول الحق والتسليم له ، فإنّ الكلام ليس لا يؤثّر فيه وحسب ، بل إنّ له آثاراً معكوسة ، حيث يزيد في ضلال هؤلاء وعنادهم بسبب تعصبهم ومقاومتهم السلبية وانغلاق نفوسهم عن الحق. (تأمّل ذلك).
رؤيا النبي صلىاللهعليهوآله والشجرة الملعونة : مجموعة من المفسرين الشيعة والسنّة ، نقلوا أنّ هذه الرؤيا إشارة للحادثة المعروفة والتي رأى فيها النبي صلىاللهعليهوآله في المنام أنّ عدداً من القرود تصعد منبره وتنزل منه (تنزو على منبره صلىاللهعليهوآله) ، وقد حزن صلىاللهعليهوآله كثيراً لهذا الأمر بحيث لم ير ضاحكاً من بعدها إلّاقليلاً (وقد تمّ تفسير هذه القرود التي تنزو على منبر رسول الله صلىاللهعليهوآله ببني أمية الذين جلسوا مكان النبي صلىاللهعليهوآله الواحد تلو الآخر ، يقلّد بعضهم بعضاً ، وكانوا ممسوخي الشخصية ، وقد جلبوا الفساد للحكومة الإسلامية ، وخلافة رسول الله صلىاللهعليهوآله).
ومن الممكن أن تكون (الشجرة الملعونة) في القرآن إشارة إلى أي مجموعة منافقة وخبيثة