يقف أمامها شيء ولا يصعب عليها شيء ، إلى درجة تستطيع حفظ حياة إنسان في فم وجوف حيوان كبير وحشي ، وإخراجه سالماً من هناك.
(فَاسْتَفْتِهِمْ أَلِرَبِّكَ الْبَنَاتُ وَلَهُمُ الْبَنُونَ (١٤٩) أَمْ خَلَقْنَا الْمَلَائِكَةَ إِنَاثاً وَهُمْ شَاهِدُونَ (١٥٠) أَلَا إِنَّهُمْ مِنْ إِفْكِهِمْ لَيَقُولُونَ (١٥١) وَلَدَ اللهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (١٥٢) أَصْطَفَى الْبَنَاتِ عَلَى الْبَنِينَ (١٥٣) مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (١٥٤) أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (١٥٥) أَمْ لَكُمْ سُلْطَانٌ مُبِينٌ (١٥٦) فَأْتُوا بِكِتَابِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (١٥٧) وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَباً وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ (١٥٨) سُبْحَانَ اللهِ عَمَّا يَصِفُونَ (١٥٩) إِلَّا عِبَادَ اللهِ الْمُخْلَصِينَ) (١٦٠)
التهم القبيحة : بعد إستعراض ستّ قصص من قصص الأنبياء السابقين ، يغيّر القرآن موضوع الحديث ، ويتناول موضوعاً آخر يرتبط بمشركي مكة آنذاك.
إنّ مجموعة من المشركين العرب وبسبب جهلهم وسطحية تفكيرهم كانوا يقيسون الله عزوجل بأنفسهم ، ويقولون : إنّ لله عزوجل أولاداً ، وأحياناً يقولون : إنّ له زوجة.
في البداية يقول : اسألهم هل أنّ الله تعالى خصّ نفسه بالبنات ، وخصّهم بالبنين ، (فَاسْتَفْتِهِمْ أَلِرَبّكَ الْبَنَاتُ وَلَهُمُ الْبَنُونَ).
وكيف تنسبون ما لا تقبلون به لأنفسكم إلى الله ، حيث إنّهم طبق عقائدهم الباطلة كانوا يكرهون البنات بشدة ويحبّون الأولاد كثيراً.
فإنّ الولد والبنت من حيث وجهة النظر الإنسانية ، ومن حيث التقييم عند الله سبحانه وتعالى متساوون ، وميزان شخصيتهم هو التقوى والطهارة.
ثم ينتقل الحديث إلى عرض دليل حسّي على المسألة هذه ، وبشكل إستفهام إستنكاري ، قال تعالى : (أَمْ خَلَقْنَا الْمَلِكَةَ إِنَاثًا وَهُمْ شَاهِدُونَ).
ومن دون أي شك فإنّ جوابهم في هذا المجال سلبي ، إذ لم يستطع أحداً منهم الإدّعاء بأنّه كان موجوداً أثناء خلق الملائكة.
مرّة اخرى يطرح القرآن الدليل العقلي المقتبس من مسلّماتهم الذهنية ويقول : (أَلَا إِنَّهُم مّنْ إِفْكِهِمْ لَيَقُولُونَ * وَلَدَ اللهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ * أَصْطَفَى الْبَنَاتِ عَلَى الْبَنِينَ).
هل تدركون ما تقولون وكيف تحكمون : (مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ).