إنّ نماذج الحياة تعتبر أكثر النماذج تنوّعاً في عالم الوجود وكل الكائنات تنتهي بأجلٍ معيّن إلى الموت ، سواء في ذلك الكائن ذو الخليّة الواحدة أو الحيوانات الكبيرة ، أو التي تعيش في الأعماق المظلمة للمحيطات والبحار ، أو الطيور التي تعانق السماء ، ومن الأحياء احادية الخليّة السابحة في امواج المحيطات إلى الأشجار التي يبلغ طولها عشرات الأمتار ، فإنّ لكل واحد منها حياة خاصة وشرائط معيّنة ، وبهذه النسبة تتفاوت عملية موتها ، وبدون شك فإنّ أشكال الحياة هي أكثر أشكال الخلقة تنوّعاً وأعجبها.
وكل واحدة من هذه القضايا المعقّدة والمتنوعة لا تعتبر مشكلة وعسيرة بالنسبة إلى قدرة الخالق جلّ وعلا ، حيث تتحقق بمجرد إرادته. لذلك تقول الآية في نهايتها بياناً لهذه الحقيقة : (فَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ).
(أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللهِ أَنَّى يُصْرَفُونَ (٦٩) الَّذِينَ كَذَّبُوا بِالْكِتَابِ وَبِمَا أَرْسَلْنَا بِهِ رُسُلَنَا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (٧٠) إِذِ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلَاسِلُ يُسْحَبُونَ (٧١) فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ (٧٢) ثُمَّ قِيلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تُشْرِكُونَ (٧٣) مِنْ دُونِ اللهِ قَالُوا ضَلُّوا عَنَّا بَلْ لَمْ نَكُنْ نَدْعُو مِنْ قَبْلُ شَيْئاً كَذلِكَ يُضِلُّ اللهُ الْكَافِرِينَ (٧٤) ذلِكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَفْرَحُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنْتُمْ تَمْرَحُونَ (٧٥) ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ) (٧٦)
عاقبة المعاندين المغرورين : مرّةً اخرى تعود آيات الله البينات للحديث عن الذين يجادلون في آيات الله ، فتقول : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِىءَايَاتِ اللهِ أَنَّى يُصْرَفُونَ).
إنّ هذه المجادلة بالباطل المقترنة مع التعصب الأعمى جعلتهم يحيدون عن الصراط المستقيم ، لأنّ الحقائق لا تظهر أو تبيّن إلّافي الروح الباحثة عن الحقيقة ومن ثم الإذعان لمنطقها.
ثم تنتقل الآيات إلى بيان أمرهم عندما تقول : (الَّذِينَ كَذَّبُوا بِالْكِتَابِ وَبِمَا أَرْسَلْنَا بِهِ رُسُلَنَا).